كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

عَلَى خِيَارِهِ إِذَا أَفَاقَ، أَمَّا فِي مُطْبِقِ الْجُنُونِ وَالإِْغْمَاءِ، فَيَقُومُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوِ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ، بِخِلاَفِ الْمَوْتِ لأَِنَّهُ أَعْظَمُ الْفُرْقَتَيْنِ (1) .

آثَارُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ:

15 - لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ آثَارٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْعَقْدِ، لَكِنَّ أَحَدَهَا يُعْتَبَرُ الأَْثَرَ الأَْصْلِيَّ لِلْخِيَارِ، فِي حِينِ تَكُونُ الأُْخْرَى آثَارًا فَرْعِيَّةً، هَذَا الأَْثَرُ الأَْصْلِيُّ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْخِيَارِ مِنْ كُل الْخِيَارَاتِ. وَلِذَا يُمْكِنُ أَنْ يُسَمَّى (الأَْثَرُ الْعَامُّ) ، وَهُوَ مَنْعُ لُزُومِ الْعَقْدِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى امْتِنَاعِ لُزُومِ الْعَقْدِ آثَارٌ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْهُ تَتَّصِل بِانْتِقَال الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ. أَوَّلاً: الأَْثَرُ الأَْصْلِيُّ:
مَنْعُ لُزُومِ الْعَقْدِ:
16 - مُفَادُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْعَقْدِ غَيْرَ لاَزِمٍ إِلَى أَنْ يَحْصُل التَّفَرُّقُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ، أَوِ اخْتِيَارُ إِمْضَاءِ الْعَقْدِ. فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ قَبْل ذَلِكَ.
وَهَذَا الأَْثَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، ذَلِكَ أَنَّ مَقْصُودَ الْخِيَارِ الْفَسْخُ (2) ،
__________
(1) الإقناع 2 / 84، مطالب أولي النهى 3 / 86، منتهى الإرادات 1 / 357، منار السبيل 1 / 316، المغني 3 / 486، القواعد والفوائد الأصولين لابن اللحام البعلي ص 36.
(2) المجموع 9 / 191.
وَلاَ يَتَحَقَّقُ هَذَا الْمَقْصُودُ إِلاَّ بِتَقَاصُرِ الْعَقْدِ عَنْ مَرْتَبَةِ الْقُوَّةِ، وَالاِسْتِعْصَاءِ عَنِ الْفَسْخِ. وَهَذَا التَّقَاصُرُ سَبِيلُهُ أَنْ يَظَل الْعَقْدُ غَيْرَ لاَزِمٍ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْخِيَارُ.

ثَانِيًا: الآْثَارُ الْفَرْعِيَّةُ:
انْتِقَال الْمِلْكِ
17 - هَذَا الأَْثَرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ عَلَى رَأْيَيْنِ:

الرَّأْيُ الأَْوَّل: فِقْدَانُ الأَْثَرِ:
وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ - فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ - (وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ) (1) . وَعَلَى هَذَا يَنْتَقِل الْمِلْكُ إِلَى الْمُشْتَرِي مَعَ وُجُودِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ. وَلاَ أَثَرَ لَهُ عَلَى نَفَاذِ الْعَقْدِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لاَ يَتَوَقَّفُ، كَمَا لاَ أَثَرَ لَهُ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ، فَهُوَ يُنْتِجُ أَحْكَامَهُ كُلَّهَا - مَعَ بَقَائِهِ قَابِلاً لِلْفَسْخِ - خِلاَل الْمَجْلِسِ إِلَى حُصُول مَا يُنْهِي الْخِيَارَ مِنْ تَفَرُّقٍ أَوْ تَخَايُرٍ.

الرَّأْيُ الثَّانِي: تَقْيِيدُ النَّفَاذِ:
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ - فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ مِنْ ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ - أَنَّ لِلْخِيَارِ أَثَرًا فِي نَفَاذِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ، فَهُوَ يُعْتَبَرُ مَوْقُوفًا مُرَاعًى مِنْ حَيْثُ انْتِقَال
__________
(1) المغني 3 / 488 م 2760، الفروع 4 / 86، كشاف القناع 2 / 50، المجموع 9 / 230، مغني المحتاج 2 / 44.

الصفحة 179