كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (1) وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ (2) .
وَقَدْ عَدَّ الذَّهَبِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ، الْخِيَانَةَ مِنَ الْكَبَائِرِ، ثُمَّ قَال: الْخِيَانَةُ قَبِيحَةٌ فِي كُل شَيْءٍ، لَكِنَّ بَعْضَهَا أَشَدُّ وَأَقْبَحُ مِنْ بَعْضٍ، إِذْ مَنْ خَانَكَ فِي فَلْسٍ لَيْسَ كَمَنْ خَانَكَ فِي أَهْلِكَ (3) .
الْخِيَانَةُ فِي بُيُوعِ الأَْمَانَةِ:
6 - الأَْصْل فِي بُيُوعِ الأَْمَانَةِ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الثِّقَةِ وَالاِطْمِئْنَانِ فِي التَّعَامُل بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ: الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (4) . فَعَلَى الْبَائِعِ الصِّدْقُ فِي الإِْخْبَارِ عَمَّا اشْتَرَى بِهِ وَعَمَّا قَامَ بِهِ عَلَيْهِ إِنْ بَاعَ بِلَفْظِ الْقِيَامِ (5) ، لأَِنَّ الْمُشْتَرِيَ ائْتَمَنَ الْبَائِعَ فِي إِخْبَارِهِ عَنِ الثَّمَنِ الأَْوَّل مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلاَ اسْتِحْلاَفٍ، فَتَجِبُ صِيَانَةُ بُيُوعِ الأَْمَانَةِ عَنِ الْخِيَانَةِ وَعَنْ سَبَبِ الْخِيَانَةِ وَالتُّهْمَةِ، لأَِنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
__________
(1) سورة الأنفال / 27.
(2) حديث: " آية المنافق ثلاث " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 89 - ط السلفية) ومسلم (1 / 78 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(3) الزواجر 1 / 248 - 249، تفسير القرطبي 7 / 395، الكبائر للذهبي 108.
(4) بدائع الصنائع 5 / 223، وروضة الطالبين 3 / 529، والموسوعة الفقهية 9 / 50.
(5) روضة الطالبين 3 / 529.
آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُول وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (1) وَقَال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا (2) .
وَالاِحْتِرَازُ عَنِ الْخِيَانَةِ وَعَنْ شُبْهَتِهَا إِنَّمَا يَحْصُل بِبَيَانِ مَا يَجِبُ بَيَانُهُ (3) .
أَمَّا حُكْمُ الْخِيَانَةِ إِذَا ظَهَرَتْ فِي بُيُوعِ الأَْمَانَةِ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهِ خِلاَفٌ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعُ الأَْمَانَةِ) .
خِيَانَةُ عَامِل الْمُسَاقَاةِ:
7 - الْعَامِل أَمِينٌ وَالْقَوْل قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ هَلاَكٍ وَمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خِيَانَةٍ (4) . فَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَةُ الْعَامِل بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، أَوْ يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ، ضُمَّ إِلَيْهِ مَنْ يُشْرِفُ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَتِمَّ الْعَمَل وَلاَ تُزَال يَدُهُ، لأَِنَّ الْعَمَل حَقٌّ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَتَعَيَّنَ سُلُوكُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَأُجْرَةُ الْمُشْرِفِ عَلَى الْعَامِل (5) .
أَمَّا إِذَا لَمْ تَثْبُتِ الْخِيَانَةُ وَلَكِنِ ارْتَابَ الْمَالِكُ فِيهِ
__________
(1) سورة الأنفال / 27.
(2) حديث: " من غشنا فليس منا " أخرجه مسلم (1 1 ? / 99 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(3) بدائع الصنائع 5 / 223.
(4) المغني لابن قدامة 5 / 409، 410 ط الرياض.
(5) مغني المحتاج 2 2 ? / 331 نشر دار إحياء التراث العربي، والمغني لابن قدامة 5 / 410، ومطالب أولي النهى 3 / 571.
الصفحة 186