كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
قَطْعُ يَدِ الْخَائِنِ: (1)
10 - لاَ تُقْطَعُ يَدُ خَائِنٍ وَلاَ خَائِنَةٍ (2) . فَقَدْ رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلاَ مُنْتَهِبٍ وَلاَ مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ (3) .
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: وَقَدْ حُكِيَ الإِْجْمَاعُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ (4) . وَلأَِنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ، وَالْخَائِنُ غَيْرُ سَارِقٍ لِقُصُورٍ فِي الْحِرْزِ، لأَِنَّ الْمَال قَدْ كَانَ فِي يَدِ الْخَائِنِ وَحِرْزِهِ لاَ حِرْزِ الْمَالِكِ عَلَى الْخُلُوصِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ حِرْزَهُ وَإِنْ كَانَ حِرْزَ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ أَحْرَزَهُ بِإِيدَاعِهِ عِنْدَهُ لَكِنَّهُ حِرْزٌ مَأْذُونٌ لِلأَْخْذِ فِي دُخُولِهِ (5) .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَطْعِ جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ جَاحِدَ الْعَارِيَّةِ
__________
(1) الخائن هنا هو أن يؤتمن على شيء بطريق العارية أو الوديعة فيأخذه ويدعي ضياعه أو ينكر أنه كان عنده وديعة أو عارية (فتح القدير 4 / 233 الأميرية) .
(2) فتح القدير 44 / 233 ط الأميرية، والشرقاوي على التحرير 2 / 432 ط الحلبي، والملتقى 7 / 186، وكشاف القناع 6 / 129.
(3) حديث: " ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع ". أخرجه الترمذي (4 / 52 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وقال: " حديث حسن صحيح ".
(4) فتح القدير 4 / 233.
(5) المغني لابن قدامة 8 / 240 ط الرياض، وفتح القدير 4 / 233 ط الأميرية.
لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ لِقَوْل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلاَ مُنْتَهِبٍ وَلاَ مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ، وَلأَِنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ السَّارِقِ، وَالْجَاحِدُ غَيْرُ سَارِقٍ وَإِنَّمَا هُوَ خَائِنٌ فَأَشْبَهَ جَاحِدَ الْوَدِيعَةِ (1) .
وَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: إِنَّ جَاحِدَ الْعَارِيَّةِ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا (2) . وَوَجْهُ دَلاَلَةِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ وَاضِحَةٌ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَتَّبَ الْقَطْعَ عَلَى جَحْدِ الْعَارِيَّةِ (3) .
وَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنَّ الْقَطْعَ كَانَ عَنْ سَرِقَةٍ صَدَرَتْ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ أَيْضًا مَشْهُورَةً بِجَحْدِ الْعَارِيَّةِ فَعَرَفَتْهَا عَائِشَةُ بِوَصْفِهَا الْمَشْهُورِ، فَالْمَعْنَى امْرَأَةٌ كَانَ وَصْفُهَا جَحْدَ الْعَارِيَّةِ فَسَرَقَتْ فَأَمَرَ بِقَطْعِهَا (4) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: أَمَّا جَاحِدُ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا
__________
(1) المغني لابن قدامة 88 / 241، وسبل السلام 4 / 43 ط دار الكتاب العربي، وفتح القدير 4 / 233.
(2) حديث عائشة: " أن امرأة كان تستعير المتاع " أخرجه مسلم (3 / 1316 - ط الحلبي) .
(3) المغني لابن قدامة 8 / 240، 241، وفتح القدير 4 / 233، وسبل السلام 4 / 43.
(4) فتح القدير 4 / 233.
الصفحة 188