كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

إِذَا كَانَ نَقْضُ الْعَهْدِ بِاتِّفَاقِهِمْ، لأَِنَّهُمْ صَارُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ فَلاَ حَاجَةَ إِلَى نَقْضِهِ (1) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (هُدْنَةٌ) .

خِيَانَةُ أَهْل الذِّمَّةِ:
12 - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ أَهْل الذِّمَّةِ إِذَا خِيفَ مِنْهُمْ الْخِيَانَةُ لَمْ يَنْبِذْ إِلَيْهِمُ الْعَهْدَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْل الْهُدْنَةِ أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ وَجَبَ لَهُمْ، وَلِهَذَا إِذَا طَلَبُوا عَقْدَ الذِّمَّةِ وَجَبَ الْعَقْدُ لَهُمْ فَلَمْ يُنْقَضْ لِخَوْفِ الْخِيَانَةِ، وَالنَّظَرُ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلِهَذَا لَوْ طَلَبَ الْكُفَّارُ الْهُدْنَةَ كَانَ النَّظَرُ فِيهَا إِلَى الإِْمَامِ، إِنْ رَأَى عَقْدَهَا عَقَدَ، وَإِنْ لَمْ يَرَ عَقْدَهَا لَمْ يَعْقِدْ، فَكَانَ النَّظَرُ إِلَيْهِ فِي نَقْضِهَا عِنْدَ الْخَوْفِ؛ وَلأَِنَّ أَهْل الذِّمَّةِ فِي قَبْضَةِ الإِْمَامِ وَتَحْتَ وِلاَيَتِهِ، فَإِذَا ظَهَرَتْ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ أَمْكَنَ اسْتِدْرَاكُهَا بِخِلاَفِ أَهْل الْهُدْنَةِ فَإِنَّهُمْ خَارِجُونَ عَنْ قَبْضَةِ الإِْمَامِ، فَإِذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُمْ لَمْ يُمْكِنَ اسْتِدْرَاكُهَا فَجَازَ نَقْضُهَا بِالْخَوْفِ (2) .

خِيَانَةُ الْمُسْلِمِ أَهْل الْحَرْبِ:
13 - مَنْ دَخَل مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
__________
(1) البناية شرح الهداية 5 / 671، وانظر أحكام القرآن لابن العربي 2 / 860.
(2) المهذب 2 / 263 ط الحلبي، وأسنى المطالب 4 / 226، والمغني لابن قدامة 8 / 463 ط الرياض.
بِأَمَانٍ لَمْ يَخُنْهُمْ فِي مَالِهِمْ، لأَِنَّهُمْ إِنَّمَا أَعْطَوْهُ الأَْمَانَ مَشْرُوطًا بِتَرْكِهِ خِيَانَتَهُمْ وَتَأْمِينِهِ إِيَّاهُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي اللَّفْظِ فَهُوَ مَعْلُومٌ فِي الْمَعْنَى، وَلِذَلِكَ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ بِأَمَانٍ فَخَانَنَا كَانَ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا لَمْ تَحِل لَهُ خِيَانَتُهُمْ لأَِنَّهُ غَدْرٌ وَلاَ يَصْلُحُ فِي دِينِنَا الْغَدْرُ (1) . وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (أَهْل الْحَرْبِ) .

خُرُوجُ الْخَائِنِ فِي الْجَيْشِ:
14 - يُمْنَعُ الْخَائِنُ مِنَ الْخُرُوجِ فِي الْجَيْشِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَجَسَّسُ لِلْكُفَّارِ وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ (3) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَيْ: (جِهَادٌ، وَتَجَسُّسٌ) .

مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
15 - يَأْتِي ذِكْرُ الْخِيَانَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْبْوَابِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْبَيْعِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَاللُّقَطَةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْوَصَايَا، وَالْحَضَانَةِ وَالشَّهَادَةِ، وَالسِّيَرِ.
__________
(1) المغني لابن قدامة 8 / 458.
(2) حديث: " المسلمون على شروطهم ". أخرجه أبو داود (4 / 20 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة. وإسناده حسن.
(3) روضة الطالبين 10 / 240، والمغني 8 / 351.

الصفحة 190