كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

إِذَا تَرَكُوا غَيْرَهُمْ يَسْتَوْلِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ دَارِ الإِْسْلاَمِ. (ر: جِهَادٌ) .
وَيَجِبُ عَلَى أَهْل بُلْدَانِ دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَقُرَاهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِقَامَةُ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ، وَإِظْهَارُهَا فِيهَا كَالْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ، وَالأَْذَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ، فَإِنْ تَرَكَ أَهْل بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ إِقَامَةَ هَذِهِ الشَّعَائِرِ أَوْ إِظْهَارَهَا قُوتِلُوا وَإِنْ أَقَامُوهَا سِرًّا (1) .
وَلاَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ دُخُول دَارِ الإِْسْلاَمِ إِلاَّ بِإِذْنٍ مِنَ الإِْمَامِ أَوْ أَمَانٍ فِي مُسْلِمٍ. وَلاَ يَجُوزُ لَهُمْ إِحْدَاثُ دُورِ عِبَادَةٍ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ: كَالْكَنَائِسِ، وَالصَّوَامِعِ، وَبَيْتِ النَّارِ، عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي.

تَحَوُّل دَارِ الإِْسْلاَمِ إِلَى دَارِ كُفْرٍ:
6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحَوُّل دَارِ الإِْسْلاَمِ إِلَى دَارٍ لِلْكُفْرِ.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ تَصِيرُ دَارُ الإِْسْلاَمِ دَارَ كُفْرٍ بِحَالٍ مِنَ الأَْحْوَال، وَإِنِ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْكُفَّارُ، وَأَجْلَوُا الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا، وَأَظْهَرُوا فِيهَا أَحْكَامَهُمْ (2) . لِخَبَرِ: الإِْسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى عَلَيْهِ (3)
__________
(1) أسنى المطالب 4 / 174، روضة الطالبين 10 / 217، بدائع الصنائع 1 / 232، و 7 / 98، وكشاف القناع 1 / 134، ونهاية المحتاج 2 / 136 - 137.
(2) نهاية المحتاج 8 / 82، وأسنى المطالب 4 / 204.
(3) حديث: " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " أخرجه الدارقطني (3 / 252 - ط دار المحاسن) من حديث عائذ بن عمرو المزني، وحسنه ابن حجر في الفتح (3 / 220 - ط السلفية) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ (أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ) : تَصِيرُ دَارُ الإِْسْلاَمِ دَارَ كُفْرٍ بِظُهُورِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ فِيهَا (1) . وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَصِيرُ دَارَ كُفْرٍ إِلاَّ بِثَلاَثِ شَرَائِطَ:
1 - ظُهُورُ أَحْكَامِ الْكُفْرِ فِيهَا.
2 - أَنْ تَكُونَ مُتَاخِمَةً لِدَارِ الْكُفْرِ.
3 - أَنْ لاَ يَبْقَى فِيهَا مُسْلِمٌ، وَلاَ ذِمِّيٌّ آمِنًا بِالأَْمَانِ الأَْوَّل، وَهُوَ أَمَانُ الْمُسْلِمِينَ.
وَوَجْهُ قَوْل الصَّاحِبَيْنِ وَمَنْ مَعَهُمَا أَنَّ دَارَ الإِْسْلاَمِ وَدَارَ الْكُفْرِ: أُضِيفَتَا إِلَى الإِْسْلاَمِ وَإِلَى الْكُفْرِ لِظُهُورِ الإِْسْلاَمِ أَوِ الْكُفْرِ فِيهِمَا، كَمَا تُسَمَّى الْجَنَّةُ دَارَ السَّلاَمِ، وَالنَّارُ دَارَ الْبَوَارِ، لِوُجُودِ السَّلاَمَةِ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَوَارِ فِي النَّارِ، وَظُهُورُ الإِْسْلاَمِ وَالْكُفْرِ إِنَّمَا هُوَ بِظُهُورِ أَحْكَامِهِمَا، فَإِذَا ظَهَرَتْ أَحْكَامُ الْكُفْرِ فِي دَارٍ فَقَدْ صَارَتْ دَارَ كُفْرٍ، فَصَحَّتِ الإِْضَافَةُ، وَلِهَذَا صَارَتِ الدَّارُ دَارَ إِسْلاَمٍ بِظُهُورِ أَحْكَامِ الإِْسْلاَمِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرِيطَةٍ أُخْرَى، فَكَذَا تَصِيرُ دَارَ كُفْرٍ بِظُهُورِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ فِيهَا.
وَوَجْهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ
__________
(1) بدائع الصنائع 7 / 130 - 131، وابن عابدين 3 / 253، وكشاف القناع 3 / 43، والإنصاف 4 / 121، والمدونة 2 / 22.

الصفحة 202