كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

وَإِنِ اسْتَوَيَا فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ، وَحُكِيَ هَذَا عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ، لأَِنَّ الْكَثْرَةَ مَزِيَّةٌ لإِِحْدَى الْعَلاَمَتَيْنِ، فَيُعْتَبَرُ بِهَا كَالسَّبْقِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فَهُوَ حِينَئِذٍ مُشْكِلٌ، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قَال: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ كَيْلاً أَوْ وَزْنًا، فَإِذَا بَال مَرَّتَيْنِ مِنَ الْفَرْجِ وَمَرَّةً مِنَ الذَّكَرِ دَل عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى، وَلَوْ كَانَ الَّذِي نَزَل مِنَ الذَّكَرِ أَكْثَر كَيْلاً أَوْ وَزْنًا.
وَيَرَى بَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ عِبْرَةَ بِالْكَثْرَةِ، لأَِنَّ الْكَثْرَةَ لَيْسَتْ بِدَلِيلٍ عَلَى الْقُوَّةِ، لأَِنَّ ذَلِكَ لاِتِّسَاعِ الْمَخْرَجِ وَضِيقِهِ، لاَ لأَِنَّهُ هُوَ الْعُضْوُ الأَْصْلِيُّ، وَلأَِنَّ نَفْسَ الْخُرُوجِ دَلِيلٌ بِنَفْسِهِ، فَالْكَثِيرُ مِنْ جِنْسِهِ لاَ يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ كَالشَّاهِدَيْنِ وَالأَْرْبَعَةِ، وَقَدِ اسْتَقْبَحَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ فَقَال: وَهَل رَأَيْتَ قَاضِيًا يَكِيل الْبَوْل بِالأَْوَاقِي؟
6 - وَأَمَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ بِأَحَدِ الأَْسْبَابِ الآْتِيَةِ:
إِنْ خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ، أَوْ أَمْنَى بِالذَّكَرِ، أَوْ أَحْبَل امْرَأَةً، أَوْ وَصَل إِلَيْهَا، فَرَجُلٌ، وَكَذَلِكَ ظُهُورُ الشَّجَاعَةِ وَالْفُرُوسِيَّةِ، وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ دَلِيلٌ عَلَى رُجُولِيَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ نَقْلاً عَنِ الإِْسْنَوِيِّ.
وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ وَنَزَل مِنْهُ لَبَنٌ أَوْ حَاضَ، أَوْ أَمْكَنَ وَطْؤُهُ، فَامْرَأَةٌ، وَأَمَّا الْوِلاَدَةُ فَهِيَ تُفِيدُ
الْقَطْعَ بِأُنُوثَتِهِ، وَتُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْعَلاَمَاتِ الْمُعَارِضَةِ لَهَا.
وَأَمَّا الْمَيْل، فَإِنَّهُ يُسْتَدَل بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الإِْمَارَاتِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ مَال إِلَى الرِّجَال فَامْرَأَةٌ، وَإِنْ مَال إِلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ، وَإِنْ قَال أَمِيل إِلَيْهِمَا مَيْلاً وَاحِدًا، أَوْ لاَ أَمِيل إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَمُشْكِلٌ. (1)
قَال السُّيُوطِيُّ: وَحَيْثُ أُطْلِقَ الْخُنْثَى فِي الْفِقْهِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُشْكِل. (2)
أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِل:
7 - الضَّابِطُ الْعَامُّ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْمُشْكِل أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِيهِ بِالأَْحْوَطِ وَالأَْوْثَقِ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَلاَ يُحْكَمُ بِثُبُوتِ حُكْمٍ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِهِ.
وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل بَعْضِ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخُنْثَى.

عَوْرَتُهُ:
8 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ عَوْرَةَ الْخُنْثَى كَعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ حَتَّى شَعْرُهَا النَّازِل عَنِ الرَّأْسِ خَلاَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَلاَ يَكْشِفُ الْخُنْثَى لِلاِسْتِنْجَاءِ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 464 - 465، وفتح القدير 8 / 504، 505 دار صادر والشرح الصغير، والأشباه والنظائر للسيوطي / 241، 242، وروضة الطالبين 1 / 78، والمغني 6 / 253، 254.
(2) الأشباه والنظائر للسيوطي / 248. ط دار الكتب العلمية.

الصفحة 23