كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

الإِْنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ تَعَبُّدًا فَلاَ يَدْخُل فِيهِ الْخِنْزِيرُ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلْمَالِكِيَّةِ: يُنْدَبُ الْغَسْل (1) .

ثَالِثًا: حُكْمُ شَعْرِهِ:
7 - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى نَجَاسَةِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَلاَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لأَِنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْعَيْنِ النَّجِسَةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ خُرِزَ خُفٌّ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ لَمْ يَطْهُرْ مَحَل الْخَرْزِ بِالْغَسْل أَوْ بِالتُّرَابِ لَكِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، فَيُصَلَّى فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالنَّوَافِل لِعُمُومِ الْبَلْوَى. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجِبُ غَسْل مَا خُرِزَ بِهِ رَطْبًا وَيُبَاحُ اسْتِعْمَال مُنْخُلٍ مِنَ الشَّعْرِ النَّجِسِ فِي يَابِسٍ لِعَدَمِ تَعَدِّي نَجَاسَتِهِ، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّطْبِ لاِنْتِقَال النَّجَاسَةِ بِالرُّطُوبَةِ.
وَأَبَاحَ الْحَنَفِيَّةُ اسْتِعْمَال شَعْرِهِ لِلْخَرَّازِينَ لِلضَّرُورَةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى طَهَارَةِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَإِذَا قُصَّ بِمِقَصٍّ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ وَقَعَ الْقَصُّ بَعْدَ الْمَوْتِ، لأَِنَّ الشَّعْرَ مِمَّا لاَ تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ، وَمَا لاَ تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ لاَ يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ لِلشَّكِّ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ. أَمَّا إِذَا نُتِفَ فَلاَ يَكُونُ طَاهِرًا (2) .
__________
(1) الخرشي 1 / 119، والشرح الصغير 1 / 86.
(2) بدائع الصنائع 1 / 63، حاشية الدسوقي 1 / 49، وأسنى المطالب 1 / 21، وكشاف القناع 1 / 56.
رَابِعًا: حُكْمُ التَّدَاوِي بِأَجْزَائِهِ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّدَاوِي بِالنَّجِسِ وَالْمُحَرَّمِ (فِي الْجُمْلَةِ) وَهُوَ شَامِلٌ لِلْخِنْزِيرِ.
وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ " تَدَاوِي " (1) .

خَامِسًا: تَحَوُّل عَيْنِ الْخِنْزِيرِ:
9 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ يَطْهُرُ بِاسْتِحَالَتِهِ إِلَى عَيْنٍ أُخْرَى، فَإِذَا اسْتَحَالَتْ عَيْنُ الْخِنْزِيرِ إِلَى مِلْحٍ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ لاَ يَطْهُرُ بِالاِسْتِحَالَةِ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْخَمْرَ وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (تَحَوُّلٌ ف 3 - 5) .

الاِعْتِبَارُ الثَّالِثُ: اعْتِبَارُ مَالِيَّةِ الْخِنْزِيرِ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْخِنْزِيرِ مَالاً مُتَقَوِّمًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ. وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَال هُوَ مَا يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فِي غَيْرِ الضَّرُورَاتِ، وَالْخِنْزِيرُ لاَ يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ وَلِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْ بَيْعِهِ كَمَا يَأْتِي.
وَيَظْهَرُ أَثَرُ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْخِنْزِيرِ مَالاً فِي الآْتِي:

أَوَّلاً: عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ:
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْخِنْزِيرِ
__________
(1) الموسوعة 11 / 118.

الصفحة 35