كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - عَدَمُ اللُّزُومِ:
2 - اللُّزُومُ: مَعْنَاهُ عَدَمُ إِمْكَانِ رُجُوعِ الْعَاقِدِ عَنِ الْعَقْدِ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ، وَيُسَمَّى الْعَقْدُ الَّذِي هَذَا شَأْنُهُ (الْعَقْدَ اللاَّزِمَ) بِمَعْنَى أَنَّ الْعَاقِدَ لاَ يَحِقُّ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ إِلاَّ بِرِضَا الْعَاقِدِ الآْخَرِ، فَكَمَا لاَ يُعْقَدُ الْعَقْدُ إِلاَّ بِالتَّرَاضِي لاَ يُفْسَخُ إِلاَّ بِالتَّرَاضِي (وَذَلِكَ بِالإِْقَالَةِ) وَمِنْ هَذَا يَتَّضِحُ تَعْرِيفُ عَدَمِ اللُّزُومِ فَهُوَ: إِمْكَانُ رُجُوعِ الْعَاقِدِ عَنِ الْعَقْدِ وَنَقْضِهِ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى التَّرَاضِي عَلَى ذَلِكَ النَّقْضِ.
فَهَذَا اللُّزُومُ قَدْ يَتَخَلَّفُ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ فَيَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَحَلَّل مِنْ رَابِطَةِ الْعَقْدِ وَيَفْسَخَهُ بِمُجَرَّدِ إِرَادَتِهِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا الآْخَرِ. وَتَخَلُّفُ اللُّزُومِ هُنَا مَبْعَثُهُ أَنَّ طَبِيعَةَ الْعَقْدِ وَغَايَتَهُ تَقْتَضِي عَدَمَ اللُّزُومِ، وَالْعَقْدُ عِنْدَئِذٍ (عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ) إِذْ يَكُونُ عَدَمُ اللُّزُومِ صِفَةً مَلْحُوظَةً فِي نَوْعِ الْعَقْدِ.
وَمِنَ السَّهْل تَبَيُّنُ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَبَيْنَ طَبِيعَةِ عَدَمِ اللُّزُومِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ، فَالتَّخْيِيرُ حَالَةٌ طَارِئَةٌ عَلَى الْعَقْدِ حَيْثُ إِنَّ الأَْصْل فِي الْعَقْدِ اللُّزُومُ، فَالْعَقْدُ الْمُقْتَرِنُ بِخِيَارٍ هُوَ قَيْدٌ أَوِ اسْتِثْنَاءٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَبْدَأِ، ثُمَّ هُوَ فِي جَمِيعِ الْخِيَارَاتِ لَيْسَ مِمَّا تَقْتَضِيهِ طَبِيعَةُ الْعُقُودِ، بَل هُوَ مِمَّا اعْتُبِرَ قَيْدًا عَلَى تِلْكَ الطَّبِيعَةِ لأَِصَالَةِ
اللُّزُومِ. أَمَّا فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ بِأَنْوَاعِهَا فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ طَبِيعَتِهَا تَقْتَضِيهِ غَايَاتُهَا وَلاَ يَنْفَصِل عَنْهَا إِلاَّ لِسَبَبٍ خَاصٍّ فِيمَا لُزُومُهُ لَيْسَ أَصْلاً.
وَالْعُقُودُ اللاَّزِمَةُ تَحْتَمِل الْفَسْخَ فَقَطْ أَمَّا الإِْجَازَةُ فَلاَ مَجَال لَهَا، لأَِنَّ الإِْقْدَامَ عَلَى الْعَقْدِ وَالاِسْتِمْرَارَ فِيهِ يُغْنِي عَنْهَا، فِي حِينِ أَنَّ الْخِيَارَاتِ تَحْتَمِل الأَْمْرَيْنِ.
وَهُنَاكَ فَارِقٌ آخَرُ بَيْنَ الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ وَبَيْنَ الْخِيَارَاتِ يَقُومُ عَلَى مُلاَحَظَةِ نَتِيجَةِ (الْفَسْخِ) الَّذِي هُوَ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ، فَحُكْمُ الْفَسْخِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ مُخْتَلِفٌ عَنْهُ فِي الْخِيَارَاتِ، حَيْثُ يَكُونُ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى مُقْتَصِرًا (لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ رَجْعِيٌّ) لاَ يَمَسُّ التَّصَرُّفَاتِ السَّابِقَةَ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (الْخِيَارَاتُ) فَالْفَسْخُ مُسْتَنَدٌ (لَهُ انْعِطَافٌ وَتَأْثِيرٌ رَجْعِيٌّ) يَنْسَحِبُ فِيهِ الاِنْفِسَاخُ عَلَى الْمَاضِي فَيَجْعَل الْعَقْدَ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ أَصْلِهِ.

ب - الْفَسْخُ لِلْفَسَادِ:
3 - الْعَقْدُ الْفَاسِدُ. يُشْبِهُ الْخِيَارَ فِي فِكْرَةِ عَدَمِ اللُّزُومِ وَفِي احْتِمَالِهِ الْفَسْخَ، يَقُول الْكَاسَانِيُّ: " حُكْمُ الْبَيْعِ نَوْعَانِ، نَوْعٌ يَرْتَفِعُ بِالْفَسْخِ، وَهُوَ الَّذِي يَقُومُ بِرَفْعِهِ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ، وَهُوَ حُكْمُ كُل بَيْعٍ لاَزِمٍ كَالْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ الأَْرْبَعَةِ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ " (1) كَمَا أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ أَثَرُهُ فَلاَ
__________
(1) البدائع 5 / 306، ونحوه في 5 / 300 - 301.

الصفحة 42