كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)
د - الْفَسْخُ فِي الإِْقَالَةِ:
5 - تُشْبِهُ الإِْقَالَةُ الْخِيَارَ مِنْ حَيْثُ تَأْدِيَتُهُمَا - فِي حَالٍ مَا - إِلَى فَسْخِ الْعَقْدِ، وَتُشْبِهُهُ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمَا لاَ يَدْخُلاَنِ إِلاَّ عُقُودَ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ اللاَّزِمَةِ الْقَابِلَةِ لِلْفَسْخِ.
وَلَكِنَّ الإِْقَالَةَ تُخَالِفُ الْخِيَارَ فِي أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ يُمْكِنُهُ فَسْخُ الْعَقْدِ بِمَحْضِ إِرَادَتِهِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا صَاحِبِهِ، بِخِلاَفِ الإِْقَالَةِ فَلاَ بُدَّ مِنِ الْتِقَاءِ الإِْرَادَتَيْنِ عَلَى فَسْخِ الْعَقْدِ. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ فَرْقًا آخَرَ هُوَ أَنَّ الْخِيَارَ يَجْعَل الْعَقْدَ غَيْرَ لاَزِمٍ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ لَهُ. وَأَمَّا الإِْقَالَةُ فَلاَ تَكُونُ إِلاَّ حَيْثُ يَكُونُ الْعَقْدُ لاَزِمًا لِلطَّرَفَيْنِ (1) .
تَقْسِيمَاتُ الْخِيَارِ
أَوَّلاً - التَّقْسِيمُ بِحَسَبِ طَبِيعَةِ الْخِيَارِ:
6 - يَنْقَسِمُ الْخِيَارُ بِحَسَبِ طَبِيعَتِهِ إِلَى حُكْمِيٍّ وَإِرَادِيٍّ.
فَالْحُكْمِيُّ مَا ثَبَتَ بِمُجَرَّدِ حُكْمِ الشَّارِعِ فَيَنْشَأُ الْخِيَارُ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ وَتَحَقُّقِ الشَّرَائِطِ الْمَطْلُوبَةِ، فَهَذِهِ الْخِيَارَاتُ لاَ تَتَوَقَّفُ عَلَى اتِّفَاقٍ أَوِ اشْتِرَاطٍ لِقِيَامِهَا، بَل تَنْشَأُ لِمُجَرَّدِ وُقُوعِ سَبَبِهَا الَّذِي رُبِطَ قِيَامُهَا بِهِ.
وَمِثَالُهُ: خِيَارُ الْعَيْبِ.
__________
(1) در الصكوك: ص268.
أَمَّا الإِْرَادِيُّ فَهُوَ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْ إِرَادَةِ الْعَاقِدِ. (1)
وَالْخِيَارَاتُ الْحُكْمِيَّةُ تَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَ الْخِيَارَاتِ، بَل هِيَ كُلُّهَا مَا عَدَا الْخِيَارَاتِ الإِْرَادِيَّةَ الثَّلاَثَةَ: خِيَارَ الشَّرْطِ، خِيَارَ النَّقْدِ، خِيَارَ التَّعْيِينِ.
فَمَا وَرَاءَ هَذِهِ الْخِيَارَاتِ فَإِنَّهُ حُكْمِيُّ الْمَنْشَأِ أَثْبَتَهُ الشَّارِعُ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْعَاقِدِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ دُونَ أَنْ يَسْعَى الإِْنْسَانُ لِلْحُصُول عَلَيْهِ.
ثَانِيًا - التَّقْسِيمُ بِحَسَبِ غَايَةِ الْخِيَارِ:
7 - يَقُومُ هَذَا التَّقْسِيمُ لِلْخِيَارَاتِ عَلَى النَّظَرِ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْغَايَةُ، هَل هِيَ التَّرَوِّي وَجَلْبُ الْمَصْلَحَةِ لِلْعَاقِدِ، أَوْ تَكْمِلَةُ النَّقْصِ وَدَرْءُ الضَّرَرِ عَنْهُ؟ .
يَقُول الْغَزَالِيُّ: يَنْقَسِمُ الْخِيَارُ إِلَى خِيَارِ التَّرَوِّي. وَإِلَى خِيَارِ النَّقِيصَةِ.
وَخِيَارُ التَّرَوِّي: مَا لاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى فَوَاتِ وَصْفٍ، وَلَهُ سَبَبَانِ. أَحَدُهُمَا: الْمَجْلِسُ. وَالثَّانِي: الشَّرْطُ.
وَأَمَّا خِيَارُ النَّقِيصَةِ، وَهُوَ: مَا يَثْبُتُ بِفَوَاتِ أَمْرٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنِ الْتِزَامٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ، أَوْ تَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ (2) . ثُمَّ فَرَّعَ الْغَزَالِيُّ مِنْ خِيَارِ النَّقِيصَةِ عِدَّةَ خِيَارَاتٍ.
__________
(1) البدائع 5 / 292 - 297.
(2) الوجيز 1 / 141 - 142.
الصفحة 44