كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

3 - خِيَارُ تَسَارُعِ الْفَسَادِ.
4 - خِيَارُ التَّفْلِيسِ.

حِكْمَةُ تَشْرِيعِ الْخِيَارِ:
17 - الْغَرَضُ فِي الْخِيَارَاتِ الْحُكْمِيَّةِ: بِالرَّغْمِ مِنْ تَعَدُّدِ أَسْبَابِهَا هُوَ تَلاَفِي النَّقْصِ الْحَاصِل بَعْدَ تَخَلُّفٍ شَرِيطَةَ لُزُومِ الْعَقْدِ. وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَتْ شَرَائِطُ الاِنْعِقَادِ وَالصِّحَّةِ وَالنَّفَاذِ، أَيْ أَنَّ الْخِيَارَاتِ الْحُكْمِيَّةَ لِتَخْفِيفِ مَغَبَّةِ الإِْخْلاَل بِالْعَقْدِ فِي الْبِدَايَةِ لِعَدَمِ الْمَعْلُومِيَّةِ التَّامَّةِ، أَوْ لِدُخُول اللَّبْسِ وَالْغَبْنِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى الإِْضْرَارِ بِالْعَاقِدِ، أَوْ فِي النِّهَايَةِ كَاخْتِلاَل التَّنْفِيذِ.
فَالْغَايَةُ مِنَ الْخِيَارَاتِ الْحُكْمِيَّةِ تَمْحِيصُ الإِْرَادَتَيْنِ وَتَنْقِيَةُ عُنْصُرِ التَّرَاضِي مِنَ الشَّوَائِبِ تَوَصُّلاً إِلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْعَاقِدِ. وَمِنْ هُنَا قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْخِيَارَاتِ إِلَى شَطْرَيْنِ: خِيَارَاتِ التَّرَوِّي، وَخِيَارَاتِ النَّقِيصَةِ، وَمُرَادُهُمْ بِخِيَارَاتِ النَّقِيصَةِ الْخِيَارَاتُ الَّتِي تَهْدِفُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْعَاقِدِ فِي حِينِ تَهْدِفُ خِيَارَاتُ التَّرَوِّي إِلَى جَلْبِ النَّفْعِ لَهُ.
أَمَّا الْغَرَضُ مِنَ الْخِيَارَاتِ الإِْرَادِيَّةِ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ عَنِ الْغَرَضِ مِنَ الْخِيَارِ فِي صَعِيدِ الْخِيَارَاتِ الْحُكْمِيَّةِ. فَفِي الْخِيَارَاتِ الإِْرَادِيَّةِ يَكَادُ الْبَاعِثُ عَلَيْهَا يَكُونُ أَمْرًا وَاحِدًا هُوَ مَا دَعَاهُ الْفُقَهَاءُ بِالتَّرَوِّي، أَيِ التَّأَمُّل فِي صُلُوحِ الشَّيْءِ لَهُ وَسَدِّ
حَاجَتِهِ فِي الشِّرَاءِ، وَذَلِكَ لِلتَّرْفِيهِ عَنِ الْمُتَعَاقِدِ لِتَحْصِيل مَصْلَحَةٍ يَحْرِصُ عَلَيْهَا. وَالتَّرَوِّي سَبِيلُهُ أَمْرَانِ: (الْمَشُورَةُ) لِلْوُصُول إِلَى الرَّأْيِ الْحَمِيدِ، أَوِ الاِخْتِبَارُ وَهُوَ تَبَيُّنُ خَبَرِ الشَّيْءِ بِالتَّجْرِبَةِ أَوِ الاِطِّلاَعِ التَّامِّ عَلَى كُنْهِهِ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: " وَالْخِيَارُ يَكُونُ لِوَجْهَيْنِ: لِمَشُورَةٍ وَاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ، أَوْ لأَِحَدِ الْوَجْهَيْنِ (1) . وَيَقُول بَعْدَئِذٍ: الْعِلَّةُ فِي إِجَازَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ وَحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى الْمَشُورَةِ فِيهِ، أَوِ الاِخْتِيَارِ (2) ".
عَلَى أَنَّ تَعَدُّدَ الْغَرَضِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَقْصِدَ الْمَشُورَةَ وَالاِخْتِبَارَ مَعًا " وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُشْتَرِي، أَمَّا الْبَائِعُ فَلاَ يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ إِلاَّ كَوْنُ الْغَرَضِ الْمَشُورَةَ، لأَِنَّ الْمُبَادَلَةَ مِنْهُ تَهْدِفُ إِلَى الثَّمَنِ، وَالثَّمَنُ لاَ مَجَال لاِخْتِبَارِهِ غَالِبًا، إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُرَاجِعَ الْبَائِعُ مَنْ يَثِقُ بِهِ فِي كَوْنِ الثَّمَنِ مُتَكَافِئًا مَعَ الْمَبِيعِ فَلاَ غَبْنَ وَلاَ وَكْسَ.
وَالتَّرَوِّي - كَمَا يَقُول الْحَطَّابُ - لاَ يَخْتَصُّ بِالْمَبِيعِ فَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا فِي الثَّمَنِ، أَوْ فِي أَصْل الْعَقْدِ. (3)
وَثَمَرَةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إِذَا كَانَ الْغَرَضُ مِنَ الْخِيَارِ الاِخْتِبَارَ، فَإِذَا بَيَّنَ الْغَرَضَ مِنَ الْخِيَارِ عُومِل حَسْبَ بَيَانِهِ، أَمَّا إِنْ سَكَتَ عَنِ الْبَيَانِ، فَقَدْ قَرَّرَ
__________
(1) المقدمات 2 / 557.
(2) المقدمات 2 / 559.
(3) الحطاب على خليل 4 / 414.

الصفحة 46