كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

حَلاَلاً وَحَرَامًا فَغَلَبَ التَّحْرِيمُ، لأَِنَّ الصَّفْقَةَ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَصْحِيحُهَا فِي جَمِيعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بَطَلَتْ فِي الْكُل.
وَمُسْتَنَدُ الصِّحَّةِ فِي الْجُزْءِ: أَنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ حُكْمٌ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا ثَبَتَ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمُهُ، وَلأَِنَّ جَائِزَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ مِنْهُمَا قَدْ صَدَرَ فِيهِ الْبَيْعُ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ بِشَرْطِهِ فَصَحَّ، وَالْبَيْعُ سَبَبٌ اقْتَضَى الْحُكْمَ فِي مَحَلَّيْنِ وَامْتَنَعَ حُكْمُهُ فِي أَحَدِهِمَا فَيَصِحُّ فِي الآْخَرِ (1) .

مُوجِبُ خِيَارَاتِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ:
5 - يَنْحَصِرُ اسْتِعْمَال الْخِيَارِ فِي الإِْجَازَةِ وَالْفَسْخِ، فَيُنْظَرُ اخْتِيَارُهُ، فَإِنِ اخْتَارَ الْفَسْخَ فَلاَ إِشْكَال فِي اسْتِرْدَادِهِ الثَّمَنَ كُلَّهُ، أَمَّا إِذَا اخْتَارَ إِمْضَاءَ الْعَقْدِ فِي الْبَاقِي فَكَمْ يَدْفَعُ؟ هَل كُل الثَّمَنِ - وَفِيهِ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ - بِنَاءً عَلَى إِلْحَاقِ الطَّارِئِ بِالْمُقَارَنِ.
أَمْ يَلْزَمُهُ قِسْطُ الْبَاقِي مِنَ الثَّمَنِ - وَهُوَ الْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ وَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ - لأَِنَّ الْعِوَضَ هُنَا قَدْ قَابَل الْمَبِيعَيْنِ (أَوْ جُمْلَةَ الْمَبِيعِ الْوَاحِدِ) مُقَابَلَةً صَحِيحَةً حَال الْعَقْدِ وَانْقَسَمَ الْعِوَضُ عَلَيْهِمَا فَلاَ يَتَغَيَّرُ بِهَلاَكِ بَعْضِهِ أَوِ اسْتِحْقَاقِهِ. (2)
وَيَنْشَأُ تَفَرُّقُ الصَّفْقَةِ الْمُسْتَوْجِبُ خِيَارًا - فِي
__________
(1) المغني 4 / 212 - 213.
(2) المجموع شرح المهذب 9 / 386 - 387، المغني 4 / 331.
كَثِيرٍ مِنَ الأَْحْيَانِ - عَنْ خِيَارِ الْعَيْبِ، وَعِنْدَمَا يُؤْثِرُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ. لَكِنَّ الشَّارِعَ يَمْنَعُ ذَلِكَ تَفَادِيًا لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ.
وَقَدْ فَصَّل الْكَاسَانِيُّ الْحَالاَتِ الَّتِي يَنْشَأُ عَنِ الرَّدِّ لِلْمَعِيبِ فِيهَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَبَيَّنَ أَنَّ حُكْمَهَا جَمِيعَهَا الْمَنْعُ بِاسْتِثْنَاءِ حَالَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ أَشْيَاءَ حَقِيقَةً وَتَقْدِيرًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلاَّ زُفَرَ (1) . -

6 - وَلِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ صُوَرٌ مُخْتَلِفَةٌ، لَكِنَّ طَابَعَ الْخِيَارَاتِ يَبْرُزُ فِي صُورَتَيْنِ، هُمَا: صُورَةُ الاِسْتِحْقَاقِ الْجُزْئِيِّ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَفِي حُكْمِهِ: انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِي أَحَدِ شَيْئَيْنِ قَبْل الْقَبْضِ) .
وَصُورَةُ الْهَلاَكِ الْجُزْئِيِّ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، (وَمِنْ صُوَرِهِ انْقِطَاعُ بَعْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ مَحِل الأَْجَل) .

أَوَّلاً: خِيَارُ الاِسْتِحْقَاقِ الْجُزْئِيِّ:
7 - الاِسْتِحْقَاقُ (فِي عَقْدِ الْبَيْعِ) هُوَ ظُهُورُ كَوْنِ الْمَبِيعِ حَقًّا وَاجِبًا لِلْغَيْرِ، وَهُوَ اسْتِحْقَاقٌ كُلِّيٌّ أَوْ جُزْئِيٌّ.
فَالاِسْتِحْقَاقُ الْكُلِّيُّ (وَهُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ كُلِّهِ) يَجْعَل الْعَقْدَ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ،
__________
(1) البدائع 5 / 287، وبداية المجتهد 2 / 178 - 179.

الصفحة 60