كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

خِيَارُ الرُّؤْيَةِ

التَّعْرِيفُ:
1 - سَبَقَ تَعْرِيفُ الْخِيَارِ لُغَةً فِي مُصْطَلَحِ: " خِيَارٌ " بِوَجْهٍ عَامٍّ.
أَمَّا لَفْظُ (الرُّؤْيَةِ) مِنَ الْمُرَكَّبِ الإِْضَافِيِّ (خِيَارُ الرُّؤْيَةِ) فَهُوَ مَصْدَرٌ لِفِعْل رَأَى يَرَى وَمَعْنَاهُ لُغَةً: النَّظَرُ بِالْعَيْنِ وَبِالْقَلْبِ. (1)
أَمَّا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ اصْطِلاَحًا: فَهُوَ حَقٌّ يَثْبُتُ بِهِ لِلْمُتَمَلِّكِ الْفَسْخُ، أَوِ الإِْمْضَاءُ عِنْدَ رُؤْيَةِ مَحَل الْعَقْدِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي عَقَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرَهُ، وَالإِْضَافَةُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ مِنْ إِضَافَةِ السَّبَبِ إِلَى الْمُسَبَّبِ أَيْ خِيَارٌ سَبَبُهُ الرُّؤْيَةُ (2) .
وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ نَظَرًا لِلْعَاقِدِ الَّذِي أَقْدَمَ عَلَى شِرَاءِ مَا لَمْ يَرَهُ، فَرُبَّمَا لاَ يَكُونُ مُوَافِقًا لَهُ، فَقَدْ أَبَاحَ لَهُ الشَّارِعُ مُمَارَسَةَ حَقِّ الْخِيَارِ بَيْنَ فَسْخِهِ أَوِ الاِسْتِمْرَارِ فِيهِ، وَهَكَذَا لاَ يَحْتَاجُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إِلَى اشْتِرَاطٍ عِنْدَ جُمْهُورِ
__________
(1) المصباح المنير، والمغرب، والقاموس المحيط مادة: " رأى ".
(2) رد المحتار 4 / 22، فتح القدير 5 / 137، البحر الرائق 6 / 18.
الْقَائِلِينَ بِهِ، إِلاَّ الْمَالِكِيَّةَ فَهُوَ عِنْدَهُمْ خِيَارٌ إِرَادِيٌّ يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ أَحْيَانًا تَصْحِيحًا لَهُ.
وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ - بِالرَّغْمِ مِنْ سَلْكِهِ فِي عِدَادِ خِيَارَاتِ الْجَهَالَةِ - هُوَ مِنَ الْخِيَارَاتِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا إِتَاحَةُ الْمَجَال لِلْعَاقِدِ لِيَتَرَوَّى وَيَنْظُرَ هَل الْمَبِيعُ صَالِحٌ لِحَاجَتِهِ أَمْ لاَ؟

خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْمَذَاهِبُ فِيهِ:
2 - الْقَوْل بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ إِيجَابًا أَوْ نَفْيًا مُرْتَبِطٌ كُل الاِرْتِبَاطِ بِبَيْعِ الشَّيْءِ الْغَائِبِ صِحَّةً وَفَسَادًا.
وَمِنَ الضَّرُورِيِّ التَّعْجِيل بِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِمُ (الْعَيْنُ الْغَائِبَةُ) فَالْمُرَادُ خُصُوصُ غَيْبَتِهَا عَنِ الْبَصَرِ بِحَيْثُ لَمْ تَجْرِ رُؤْيَتُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ غَائِبَةً أَيْضًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ حَاضِرَةً فِيهِ لَكِنَّهَا مَسْتُورَةٌ عَنْ عَيْنِ الْعَاقِدِ، فَهِيَ تُسَمَّى غَائِبَةً فِي كِلْتَا الْحَالَيْنِ، وَيَسْتَوِي فِي غِيَابِهَا عَنِ الْمَجْلِسِ أَنْ تَكُونَ فِي الْبَلَدِ نَفْسِهِ أَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ مِنْ حَيْثُ مَفْهُومُ الْغَيْبَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ أَحْيَانًا.
فَالْغَائِبُ هُنَا هُوَ غَيْرُ الْمَرْئِيِّ، إِمَّا لِعَدَمِ حُضُورِهِ، وَإِمَّا لاِنْتِفَاءِ رُؤْيَتِهِ بِالرَّغْمِ مِنْ حُضُورِهِ، فَلَيْسَ كُل حَاضِرٍ مَرْئِيًّا، فَقَدْ يَكُونُ حَاضِرًا غَيْرَ مَرْئِيٍّ (1) .
__________
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3 / 27، وتفريعات غير المالكية واستعمالاتهم تدل عليه أيضًا، والمحلى 8 / 341.

الصفحة 64