كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

وَاسْتَدَلُّوا بِهِ مِنَ الْمَعْقُول:
بِالْقِيَاسِ عَلَى النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الزَّوْجَيْنِ بِالإِْجْمَاعِ، وَالْقِيَاسِ عَلَى بَيْعِ مَا لَهُ صَوَانِي كَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ (1) .

دَلِيل الْمَانِعِينَ:
6 - وَدَلِيل مَنْ لَمْ يَقُل بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَنَّ بَيْعَ الْغَائِبِ أَصْلاً لاَ يَصِحُّ كَمَا سَبَقَ. وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَهُمْ هُوَ أَشْبَهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، لأَِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِدِ اشْتِرَاطُهُ لِيَصِحَّ بَيْعُ الْغَائِبِ.

سَبَبُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ:
7 - إِنَّ سَبَبَ ثُبُوتِ هَذَا الْخِيَارِ هُوَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ، كَمَا يَدُل عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ، وَاسْمُهُ، وَتَعْرِيفُهُ، وَقَال آخَرُونَ: إِنَّ سَبَبَهُ هُوَ الرُّؤْيَةُ نَفْسُهَا، فَالإِْضَافَةُ إِلَى الرُّؤْيَةِ هِيَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى سَبَبِهِ (وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى شَرْطِهِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ) . (2) وَلاَ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا الاِخْتِلاَفِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ.

الْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ:
8 - الْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ فِي هَذَا الْمَجَال: الْعِلْمُ بِالْمَقْصُودِ الأَْصْلِيِّ مِنْ مَحَل الْعَقْدِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْعِلْمُ
__________
(1) المجموع 9 / 331.
(2) فتح القدير 5 / 137.
يَحْصُل بِالرُّؤْيَةِ الْبَصَرِيَّةِ أَوْ بِأَيِّ حَاسَّةٍ مِنَ الْحَوَاسِّ، كَاللَّمْسِ، وَالْجَسِّ، أَوِ الذَّوْقِ، أَوِ الشَّمِّ، أَوِ السَّمْعِ. فَهُوَ فِي كُل شَيْءٍ بِحَسَبِهِ. (1)
وَفِي رُؤْيَةِ مَا سَبِيل الْعِلْمِ بِهِ الرُّؤْيَةُ لاَ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ جَمِيعِهِ، بَل يَكْفِي رُؤْيَةُ مَا يَدُل عَلَى الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحَل شَيْئًا وَاحِدًا، أَوْ أَشْيَاءَ لاَ تَتَفَاوَتُ آحَادُهَا كَالْمِثْلِيَّاتِ.
فَفِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ يُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ مَا يَدُل عَلَى الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ (2) .

الرُّؤْيَةُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ:
9 - الْمَحَل الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ إِمَّا مِثْلِيٌّ وَإِمَّا قِيَمِيٌّ، وَتَخْتَلِفُ الرُّؤْيَةُ الْمُعْتَبَرَةُ - أَوِ الاِطِّلاَعُ وَالْعِلْمُ - فِي أَحَدِهِمَا عَنِ الآْخَرِ.
وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِيِّ هُنَا مَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الأَْعْيَانِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ دَيْنٌ وَلاَ يَجْرِي فِي الْعَقْدِ عَلَيْهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لأَِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالأَْعْيَانِ (3) .
__________
(1) رد المحتار 4 / 68 وإنما مثلوا له بالدفوف التي تنقر في الغزو حثا على الإقدام، ليكون المثل مما لا خلاف في إباحة التبايع فيه.
(2) الفتاوى الهندية 3 / 62 الفصل الثاني فيما تكون رؤية بعضه كرؤية الكل في إبطال الخيار، وفتح القدير، والعناية شرح الهداية 5 / 142.
(3) المبسوط 13 / 72، والهداية، وفتح القدير، والعناية 5 / 142، والهندية 3 / 64، والبدائع للكاساني 5 / 294.

الصفحة 66