كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

الرُّؤْيَةُ فِي الْقِيَمِيَّاتِ:
10 - الْقِيَمِيَّاتُ أَوِ الأَْشْيَاءُ غَيْرُ الْمِثْلِيَّةِ وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا: الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ، كَالدَّوَابِّ، وَالأَْرَاضِي، وَالثِّيَابِ الْمُتَفَاوِتَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ مَا يَدُل عَلَى الْمَقْصُودِ مِنَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، أَوْ رُؤْيَةِ ذَلِكَ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهَا إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الأَْشْيَاءِ الْمُتَفَاوِتَةِ، كَعِدَّةِ دَوَابٍّ مَثَلاً، لأَِنَّ رُؤْيَةَ الْبَعْضِ لاَ تُعَرِّفُ الْبَاقِيَ لِلتَّفَاوُتِ فِي آحَادِهِ (1) .

صُوَرٌ خَاصَّةٌ مِنَ الرُّؤْيَةِ:
أ - الرُّؤْيَةُ مِنْ خَلْفِ زُجَاجٍ: لاَ تَكْفِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُرَى مَا فِيهِ أَوْ مَا خَلْفَهُ دُونَ حَائِلٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكْفِي، لأَِنَّ الزُّجَاجَ لاَ يُخْفِي صُورَةَ الْمَرْئِيِّ، وَرَوَى هِشَامٌ أَنَّ قَوْل مُحَمَّدٍ مُوَافِقٌ لِقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ (2) .

ب - الرُّؤْيَةُ لِمَا هُوَ فِي الْمَاءِ: كَسَمَكٍ (يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ اصْطِيَادٍ) قَال بَعْضُهُمْ: يَسْقُطُ خِيَارُهُ، لأَِنَّهُ رَأَى عَيْنَ الْمَبِيعِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لاَ يَسْقُطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لأَِنَّ الْمَبِيعَ لاَ يُرَى فِي الْمَاءِ عَلَى حَالِهِ بَل يُرَى أَكْبَرَ مِمَّا هُوَ، فَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ لاَ تُعَرِّفُ الْمَبِيعَ (3) .
__________
(1) فتح القدير والعناية 5 / 142 - 143.
(2) فتح القدير 5 / 144، والفتاوى الهندية 3 / 63 نقلاً عن الخلاصة.
(3) فتح القدير 5 / 144، والفتاوى الهندية 3 / 63 نقلاً عنه وعن السراج الوهاج.
ج - الرُّؤْيَةُ بِوَسَاطَةِ الْمِرْآةِ: قَالُوا: لاَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ، لأَِنَّهُ مَا رَأَى عَيْنَهُ بَل مِثَالَهُ (1) .

د - الرُّؤْيَةُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ رَقِيقٍ: تُعْتَبَرُ رُؤْيَةً، عَلَى مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (2) .

هـ - الرُّؤْيَةُ فِي ضَوْءٍ يَسْتُرُ لَوْنَ الشَّيْءِ: كَرُؤْيَةِ وَرَقٍ أَبْيَضَ أَوْ قُمَاشٍ، فِي ضَوْءٍ يَسْتُرُ مَعْرِفَةَ بَيَاضِهِ كَضَوْءِ النَّارِ، لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، لاَ تُعْتَبَرُ رُؤْيَةً مُسْقِطَةً لِقِيَامِ الْخِيَارِ (3) .

و الرُّؤْيَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْعْمَى: لاَ يَثُورُ التَّسَاؤُل فِيهِ إِلاَّ فِيمَا سَبِيل مَعْرِفَتِهِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ، أَمَّا مَا يُعْرَفُ بِالذَّوْقِ، أَوِ الشَّمِّ، أَوِ الْجَسِّ، فَهُوَ فِي ذَلِكَ كَالْبَصِيرِ، أَمَّا مَا لاَ بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ كَالدَّارِ وَنَحْوِهَا وَالنَّمُوذَجِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَيُغْنِي عَنِ الرُّؤْيَةِ الْوَصْفُ بِأَبْلَغِ مَا يُمْكِنُ، فَإِذَا قَال: قَدْ رَضِيتُ، سَقَطَ خِيَارُهُ، لأَِنَّ الْوَصْفَ يُقَامُ مُقَامَ الرُّؤْيَةِ أَحْيَانًا، كَالسَّلَمِ، وَالْمَقْصُودُ رَفْعُ الْغَبْنِ عَنْهُ، وَذَلِكَ يَحْصُل بِالْوَصْفِ وَإِنْ كَانَ بِالرُّؤْيَةِ أَتَمَّ (4) .
__________
(1) فتح القدير 5 / 144، ورد المحتار 4 / 68 كلاهما عن التحفة:، وهو في الهندية 3 / 63 نقلاً عن السراج. وعلى هذا يجري الحكم في رؤية صورة الشيء الفوتوغرافية، لأنه أشبه شيء بالمرآة فضلاً عن احتمال التغير ما بين رؤية الصورة ورؤية الحقيقة.
(2) الهندية 3 / 63.
(3) نهاية المحتاج 3 / 416.
(4) فتح القدير 5 / 147، والمبسوط 13 / 77، والبدائع 5 / 298، والكلام عن الرؤية بالنسبة للأعمى شامل الرؤية التي توجد قبل الشراء، أو قبل القبض فتمنع قيام الخيار وهو في ذلك كالبصير، ومثل الأعمى فاقد شيء من الحواس الأخرى (البدائع 5 / 292) .

الصفحة 67