كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

وَهُوَ الأَْصَحُّ وَالْمُخْتَارُ كَمَا قَال ابْنُ الْهُمَامِ وَابْنُ نُجَيْمٍ وَغَيْرُهُمَا.
وَذَلِكَ لأَِنَّ النَّصَّ مُطْلَقٌ، وَلأَِنَّ سَبَبَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ اخْتِلاَل الرِّضَا، وَالْحُكْمُ يَبْقَى مَا بَقِيَ سَبَبُهُ.
الثَّانِي: عَلَى الْفَوْرِ، فَهُوَ مُؤَقَّتٌ بِإِمْكَانِ الْفَسْخِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ رَآهُ وَتَمَكَّنَ مِنَ الْفَسْخِ وَلَمْ يَفْسَخْ سَقَطَ خِيَارُهُ بِذَلِكَ وَلَزِمَ الْعَقْدُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَصْرِيحٌ بِالرِّضَا أَوْ مُسْقِطٍ آخَرَ لِلْخِيَارِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ دَلاَلَةً عَلَى الرِّضَا. وَهَذَا قَوْلٌ لِبَعْضِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ (1) .

أَثَرُ الْخِيَارِ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ قَبْل الرُّؤْيَةِ:
21 - حُكْمُ الْعَقْدِ قَبْل الرُّؤْيَةِ حُكْمُ الْعَقْدِ الَّذِي لاَ خِيَارَ فِيهِ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْحِل لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ لِلْحَال، وَثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ لِلْحَال، لأَِنَّ رُكْنَ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ، أَوِ الإِْجَارَةِ، أَوِ الْقِسْمَةِ، أَوِ الصُّلْحِ صَدَرَ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِهِ.
وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الْعَقْدُ لَوْلاَ أَنَّهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ (شَرْعًا) احْتِيَاطًا لِلْمُشْتَرِي، بِخِلاَفِ خِيَارِ الشَّرْطِ، لأَِنَّ الْخِيَارَ ثَمَّةَ ثَبَتَ بِإِرَادَةِ الْعَاقِدَيْنِ فَأَثَّرَ فِي رُكْنِ الْعَقْدِ بِالْمَنْعِ مِنَ الاِنْعِقَادِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ تَحْقِيقًا لِرَغْبَةِ الْعَاقِدِ فِي تَعْلِيقِ الْعَقْدِ. (2)
__________
(1) البدائع 5 / 295، والفتح 5 / 139، ورد المحتار 4 / 65، والهندية 3 / 58 منقولا عن البحر.
(2) البدائع 5 / 292.
هَذَا عَلَى الْقَوْل بِصِحَّةِ الْفَسْخِ قَبْل الرُّؤْيَةِ، فَالْعَقْدُ غَيْرُ لاَزِمٍ عِنْدَ هَؤُلاَءِ، أَمَّا مَنْ مَنَعَ الْفَسْخَ فَهُوَ يَرَى أَنَّ الْعَقْدَ بَاتٌّ، فَلاَ يَلْحَقُهُ فَسْخٌ وَلاَ إِجَازَةٌ إِلَى أَنْ تَحْصُل الرُّؤْيَةُ، وَقَدْ مَال ابْنُ الْهُمَامِ إِلَى هَذَا (1) .

أَثَرُ الْخِيَارِ عَلَى حُكْمِ الْعَقْدِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ:
22 - مُنْذُ قِيَامِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ (بِتَحَقُّقِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الرُّؤْيَةُ) يَغْدُو الْعَقْدُ غَيْرَ لاَزِمٍ بِالاِتِّفَاقِ، وَلَكِنْ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَيُّ أَثَرٍ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ، فَلاَ يَمْنَعُ انْتِقَال الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ، لأَِنَّ سَبَبَ الْعَقْدِ قَدْ وُجِدَ خَالِيًا مِنْ تَعْلِيقٍ حُكْمِ الْعَقْدِ، فَيَظَل أَثَرُهُ كَامِلاً كَانْتِقَال الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ.
وَقَدْ خَالَفَ فِي هَذَا الْمَالِكِيَّةُ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمِلْكَ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لاَ يَنْتَقِل لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ بِاحْتِمَال الْفَسْخِ، وَالْمِلْكُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَقْدِ الْمُسْتَقَرِّ. وَلاَ يَخْفَى أَنَّ اسْتِقْرَارَ الْعَقْدِ لاَ يَعُوقُ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا يَنْشَأُ عَنْهُ تَمَكُّنُ صَاحِبِ الْخِيَارِ مِنْ رَفْعِ الْعَقْدِ بِالْفَسْخِ (2) .

سُقُوطُ الْخِيَارِ:
23 - يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِالأُْمُورِ التَّالِيَةِ، سَوَاءٌ حَصَلَتْ قَبْل الرُّؤْيَةِ أَوْ بَعْدَهَا:
أ - التَّصَرُّفَاتُ فِي الْمَبِيعِ بِمَا يُوجِبُ حَقًّا لِلْغَيْرِ، كَمَا
__________
(1) فتح القدير 5 / 139.
(2) فتح القدير 5 / 139، البدائع 5 / 292، المجموع 9 / 299، الخرشي 5 / 34.

الصفحة 73