كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

الإِْحْجَامِ عَنْهُ قَبْل التَّفَرُّقِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَمْتَدَّ فَيَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ أَطْوَل مِنْ تِلْكَ الْفَتْرَةِ إِذَا كَانَ الْبَيْعُ مُشْتَرَطًا فِيهِ خِيَارٌ. (1)
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ: فَاسْتَدَل بِهِ لِخِيَارِ الشَّرْطِ كَثِيرُونَ، قَال النَّوَوِيُّ: " وَقَدْ نَقَلُوا فِيهِ الإِْجْمَاعَ " وَقَال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: " وَهُوَ جَائِزٌ بِالإِْجْمَاعِ ". لَكِنَّهُ أَشَارَ فِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ إِلَى أَنَّ صِحَّتَهُ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا هِيَ فِيمَا " إِذَا كَانَتْ مُدَّتُهُ مَعْلُومَةً "
وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ: " وَشَرْطُ الْخِيَارِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ (2) ".

صِيغَةُ الْخِيَارِ:
5 - لاَ يَتَطَلَّبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ التَّعْبِيرَ بِصِيغَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَكَمَا يَحْصُل بِلَفْظِ اشْتِرَاطِ (الْخِيَارِ) يَحْصُل بِكُل لَفْظٍ يَدُل عَلَى ذَلِكَ الْمُرَادِ، مِثْل لَفْظِ (الرِّضَا) أَوِ (الْمَشِيئَةِ) بَل يَثْبُتُ وَلَوْ لَمْ يَتَضَمَّنُ الْكَلاَمُ لَفْظَ الْخِيَارِ أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ، فِيمَا إِذَا وَرَدَ عِنْدَ التَّعَاقُدِ أَوْ بَعْدَهُ مَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْخِيَارِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ حَيْثُ جَاءَ فِيهَا: " إِذَا بَاعَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ إِنَّ الْبَائِعَ قَال لِلْمُشْتَرِي: لِي عَلَيْكَ الثَّوْبُ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ
__________
(1) الفواكه الدواني 2 / 124، والدرر البهية للشوكاني وشرح صديق حسن خان 2 / 122.
(2) فتح القدير شرح الهداية 5 / 111، والمجموع شرح المهذب، للنووي 9 / 190، 225.
(وَقَبِل الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ) قَال مُحَمَّدٌ: هَذَا عِنْدَنَا خِيَارٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ". وَذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ نَقْلاً عَنِ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ لَوْ قَال الْبَائِعُ: خُذْهُ وَانْظُرْ إِلَيْهِ الْيَوْمَ فَإِنْ رَضِيتَهُ أَخَذْتَهُ بِكَذَا، فَهُوَ خِيَارٌ. وَنُقِل عَنِ الذَّخِيرَةِ مِثْل هَذَا الاِعْتِبَارِ فِيمَا لَوْ قَال: هُوَ بَيْعٌ لَكَ إِنْ شِئْتَ الْيَوْمَ.
وَمِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِي الثَّمَنِ، أَوِ الْمَبِيعِ بَدَلاً عَنِ اشْتِرَاطِهِ فِي الْعَقْدِ، فَيَكُونُ بِمَثَابَةِ اشْتِرَاطِهِ فِيهِ، فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَال الْمُشْتَرِي عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ. فَهُوَ كَقَوْلِهِ: عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ (فِي الْعَقْدِ) .
وَمِنْ ذَلِكَ: التَّوَاطُؤُ عَلَى أَلْفَاظٍ أَوْ تَعَابِيرَ بِأَنَّهَا يَتَوَلَّدُ عَنْهَا الْخِيَارُ، سَوَاءٌ كَانَ ارْتِبَاطُ هَذِهِ التَّعَابِيرِ بِنُشُوءِ الْخِيَارِ مُنْبَعِثًا عَنِ الاِسْتِعْمَال الشَّرْعِيِّ مُبَاشَرَةً أَوِ الْعُرْفِ. فَمِمَّا اعْتُبِرَ مِنَ الأَْلْفَاظِ الْمُتَوَاطَأِ عَلَى أَنَّهَا يُرَادُ بِهَا الْخِيَارُ، تَبَعًا لِلاِسْتِعْمَال الشَّرْعِيِّ، عِبَارَةُ " لاَ خِلاَبَةَ " شَرِيطَةَ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ بِمَعْنَاهَا. (1)
قَال النَّوَوِيُّ: اشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ قَوْلَهُ: " لاَ خِلاَبَةَ " عِبَارَةٌ عَنِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا أَطْلَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ، وَهُمَا عَالِمَانِ بِمَعْنَاهَا كَانَ كَالتَّصْرِيحِ بِالاِشْتِرَاطِ، وَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ لَمْ يَثْبُتِ الْخِيَارُ قَطْعًا، فَإِنْ عَلِمَهُ الْبَائِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ، حَكَاهُمَا
__________
(1) الفتاوى الهندية 3 / 39، 40.

الصفحة 79