كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 20)

مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ عَقْدَ الْحَوَالَةِ لَمْ يُبْنَ عَلَى الْمُغَابَنَةِ. وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى رَأْيٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (1) .
وَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ: اخْتَلَفَ الرَّأْيُ فِيهَا بِحَسَبِ النَّظَرِ إِلَيْهَا هَل هِيَ بَيْعٌ كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ أَمْ هِيَ تَمْيِيزُ حُقُوقٍ كَمَا يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مُفَادُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ. وَمَنْ أَثْبَتَ خِيَارَ الشَّرْطِ فِيهَا مِنَ الْحَنَابِلَةِ احْتَجَّ بِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَمْ يُشْرَعْ خَاصًّا بِالْبَيْعِ، بَل هُوَ لِلتَّرَوِّي وَتَبَيُّنِ أَرْشَدِ الأَْمْرَيْنِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْقِسْمَةِ.
وَالْقِسْمَةُ أَنْوَاعٌ: قِسْمَةُ الأَْجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَهِيَ قِسْمَةُ تَرَاضٍ لاَ إِجْبَارَ فِيهَا - وَقِسْمَةُ الْجِنْسِ مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ، وَهِيَ تَقْبَل الإِْجْبَارَ وَلاَ يَدْخُلُهَا خِيَارُ الشَّرْطِ - وَقِسْمَةُ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنَ الْقِيَمِيَّاتِ، كَالْبَقَر وَالْغَنَمِ، أَوِ الثِّيَابُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهِيَ تَقْبَل الإِْجْبَارَ وَيَدْخُلُهَا خِيَارُ الشَّرْطِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ (2) .
وَالْكَفَالَةُ: يَدْخُلُهَا خِيَارُ الشَّرْطِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَلِلْكَفَالَةِ خِصِّيصَةٌ فِي بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ حَيْثُ التَّوْقِيتُ إِذْ يَجُوزُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
__________
(1) البحر الرائق 4 / 272، ورد المحتار 4 / 48، والمهذب 1 / 338، والمغني 5 / 54، والمقنع وحواشيه 2 / 34.
(2) رد المحتار 5 / 167، وجامع الفصولين 1 / 243، وبلغة السالك 2 / 238، والمدونة 14 / 198، ومغني المحتاج 4 / 424، والقواعد لابن رجب 413.
خِلاَفًا لِمَذْهَبِهِ فِي اشْتِرَاطِ التَّحْدِيدِ بِالثَّلاَثِ، لأَِنَّ الْكَفَالَةَ عَقْدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوَسُّعِ (1) .
وَالْوَقْفُ: يَجْرِي فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْوَاقِفَ إِذَا شَرَطَ فِي الْوَقْفِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً جَازَ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ، وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ فَاسِدٌ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ (2) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي (وَقْفٌ) .

اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ:
24 - مِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ لأَِيِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِكِلَيْهِمَا (فَفِي الْبَيْعِ مَثَلاً: لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي) . وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَلاَ يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ خِلاَفٌ، إِلاَّ مَا رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ مِنْ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْتَرِطَهُ لِنَفْسِهِ، (وَمُقْتَضَى هَذَا النَّقْل عَنْهُمَا أَنَّ مَجَال الْخِيَارِ عِنْدَهُمَا هُوَ عَقْدُ الْبَيْعِ فَقَطْ) وَعِنْدَ هَذَيْنِ إِذَا اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ فَسَدَ الْعَقْدُ (3) .
__________
(1) المبسوط 17 / 199، المجموع 9 / 177، كشاف القناع 3 / 203.
(2) رد المحتار 3 / 360، المغني 3 / 531، البحر الرائق 6 / 4، المجموع 9 / 177، وكشاف القناع 3 / 203، الأشباه بحاشية الحموي 1 / 328.
(3) المغني 3 / 524 ط4، فتح القدير 5 / 500، البحر الزخار، 3 / 348، وفتح القدير 5 / 500.

الصفحة 90