كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)
لِلأَْجْنَبِيِّ وَلِلْوَارِثِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي تَصَرُّفِهِ إِبْطَالٌ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُمْ وَهُوَ الْمَالِيَّةُ، فَكَانَ الْوَارِثُ وَالأَْجْنَبِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءً (1) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ تَارَةً بِالصُّورَةِ وَالْمَعْنَى، وَتَارَةً أُخْرَى بِالْمَعْنَى دُونَ الصُّورَةِ، فَإِذَا كَانَ تَصَرُّفُ الْمَرِيضِ مَعَ غَيْرِ وَارِثٍ كَانَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِالْمَالِيَّةِ، فَيَصِحُّ بَيْعُهُ لِلأَْجْنَبِيِّ بِمِثْل الْقِيمَةِ لاَ بِأَقَل. وَإِذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ مَعَ وَارِثٍ كَانَ حَقُّهُمْ مُتَعَلِّقًا بِالْعَيْنِ وَالْمَالِيَّةِ، فَلَيْسَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُؤْثِرَ أَحَدًا مِنْ وَرَثَتِهِ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ بِالْبَيْعِ لَهُ بِمِثْل الْقِيمَةِ، إِذِ الإِْيثَارُ كَمَا يَكُونُ بِالتَّبَرُّعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، يَكُونُ بِأَنْ يَخُصَّهُ بِأَعْيَانٍ يَخْتَارُهَا لَهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ الْبَدَل مِثْل قِيمَتِهَا (2) .
وَالْفَرْقُ الثَّانِي بَيْنَ تَعَلُّقِ حَقِّ الدَّائِنِينَ بِمَال الْمَرِيضِ وَبَيْنَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ أَنَّ حَقَّ الدَّائِنِينَ
__________
(1) كشف الأسرار 4 / 1431 وما بعدها، المبسوط 14 / 150، اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص 29، رد المحتار 4 / 193 (بولاق 1299 هـ) ، المهذب 1 / 460، نهاية المحتاج 5 / 408، 417، المدونة 3 / 222 (المطبعة الخيرية 1324 هـ) ، المغني (ط. المنار 1348 هـ) 6 / 421، الإنصاف 7 / 172
(2) كشف الأسرار 4 / 1432، المبسوط 14 / 150، رد المحتار (بولاق 1299 هـ) 4 / 193، العقود الدرية لابن عابدين 2 / 268، فتاوى قاضيخان 2 / 177، الإنصاف للمرداوي 7 / 172
فِي التَّعَلُّقِ بِمَال الْمَرِيضِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ؛ لأَِنَّ وَفَاءَ الدَّيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَوْزِيعِ الْمِيرَاثِ، فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الدَّائِنِينَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إِنْ كَانَتْ دُيُونُهُمْ مُسْتَغْرَقَةً، فِي حِينِ لاَ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْوَرَثَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثَيِ التَّرِكَةِ بَعْدَ وَفَاءِ الدُّيُونِ؛ لأَِنَّ لِلْمَرِيضِ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُنْجَزًا أَمْ مُضَافًا إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيَأْخُذُ تَبَرُّعُهُ هَذَا حُكْمَ الْوَصِيَّةِ.
16 - د - مَا يُنْفَقُ فِي سَبِيل تَسْدِيدِ الدُّيُونِ الْمُحِيطَةِ بِأَمْوَال الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عِنْدَ بَيْعِ أَمْوَالِهِ لِلْوَفَاءِ بِدُيُونِهِ كَأُجْرَةِ الْمُنَادِي وَالْكَيَّال وَالْحَمَّال وَنَحْوِهَا مِنَ الْمُؤَنِ، فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِأَمْوَال الْمَدِينِ، وَيُقَدَّمُ الْوَفَاءُ بِهَا عَلَى سَائِرِ الدُّيُونِ الْمُطْلَقَةِ (1) .
17 - هـ - دَيْنُ مُشْتَرِي الْمَتَاعِ الَّذِي بَاعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ أَمْوَال الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ إِذَا ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا وَتَلِفَ الثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَال الْمَدِينِ، وَيُقَدَّمُ بَدَل الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ عَلَى بَاقِي الْغُرَمَاءِ، وَلاَ يُضَارِبُ بِهِ مَعَهُمْ لِئَلاَّ يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ شِرَاءِ مَال الْمُفْلِسِ (2) .
18 - و - الدَّيْنُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الصَّانِعُ كَصَائِغٍ وَنَسَّاجٍ وَخَيَّاطٍ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِ إِذَا أَفْلَسَ
__________
(1) نهاية المحتاج 4 / 317، كشاف القناع 3 / 424، حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 5 / 135، شرح منتهى الإرادات 2 / 284
(2) نهاية المحتاج 4 / 317، تحفة المحتاج 5 / 135
الصفحة 108