كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

الْحَدِيدُ وَالسِّلاَحُ، وَيُتْرَكُ عَلَيْهِ خُفَّاهُ، وَقَلَنْسُوَتُهُ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا فِي ثِيَابِهِمْ بِدِمَائِهِمْ (1) . وَدَفْنُ الشَّهِيدِ بِثِيَابِهِ حَتْمٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ عَمَلاً بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَأَوْلَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَنْزِعَ عَنْهُ ثِيَابَهُ، وَيُكَفِّنَهُ بِغَيْرِهَا (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (شَهِيد) (وَتَكْفِين) .

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الْكَافِرَ إِنْ مَاتَ فِي الْحِجَازِ، وَشَقَّ نَقْلُهُ مِنْهُ لِتَقَطُّعِهِ، أَوْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ مِنْ غَيْرِ الْحِجَازِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دُفِنَ ثَمَّ، أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلاَ يَجِبُ دَفْنُهُ، وَفِي وَجْهٍ لاَ يَجُوزُ، فَإِنْ دُفِنَ فَيُتْرَكُ.
وَأَمَّا فِي حَرَمِ مَكَّةَ فَيُنْقَل مِنْهُ وَلَوْ دُفِنَ؛ لأَِنَّ الْمَحَل غَيْرُ قَابِلٍ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ مِنَ الإِْمَامِ؛ لأَِنَّ إِذْنَ الإِْمَامِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ. وَلأَِنَّ بَقَاءَ جِيفَتِهِ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ دُخُولِهِ حَيًّا إِلاَّ إِذَا تَهَرَّى
__________
(1) حديث ابن عباس: " أن رسول الله أمر بقتلى أحد أن ينزع. . . . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 485 - ط الحلبي) : وضعفه ابن حجر في التلخيص (2 / 118 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(2) البدائع 1 / 344، وابن عابدين 1 / 610، وجواهر الإكليل 1 / 111، والقليوبي 1 / 339، وروضة الطالبين 2 / 120، 131، والمغني 2 / 509، 531، 532.
وَتَقَطَّعَ بَعْدَ دَفْنِهِ تُرِكَ. وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ؛ لاِخْتِصَاصِ حَرَمِ مَكَّةَ بِالنُّسُكِ (1) .

دَفْنُ الأَْقَارِبِ فِي مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ:
5 - صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ الأَْقَارِبِ فِي الدَّفْنِ فِي مَقْبَرَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَفَنَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ: أَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي (2) . وَلأَِنَّ ذَلِكَ أَسْهَل لِزِيَارَتِهِمْ وَأَكْثَرُ لِلتَّرَحُّمِ عَلَيْهِمْ، وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الأَْبِ، ثُمَّ مَنْ يَلِيهِ فِي السِّنِّ وَالْفَضِيلَةِ إِنْ أَمْكَنَ (3) .

الأَْحَقُّ بِالدَّفْنِ:
6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأَْوْلَى بِدَفْنِ الْمَرْأَةِ مَحَارِمُهَا الرِّجَال الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ وَهُمُ الَّذِينَ كَانَ يَحِل لَهُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا وَلَهَا السَّفَرُ مَعَهُمْ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَامَ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَال: أَلاَ
__________
(1) حاشية الجمل 5 / 215، 216، وأسنى المطالب 4 / 214، 215.
(2) حديث: " ادفن إليه من مات من أهلي " أخرجه أبو داود (3 / 543 - تحقيق عزت عبيد دعاس) عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن رجل من الصحابة، وحسنه ابن حجر في التلخيص (2 / 133 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(3) حاشية الدسوقي 1 / 421، والقليوبي 1 / 351، وروضة الطالبين 2 / 142، والمغني 2 / 509.

الصفحة 11