كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

كَانَ مُتَبَرِّعًا (1) .
33 - وَالنَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الْقِيَامِ بِعَمَلٍ نَافِعٍ لِلْغَيْرِ: أَنْ يَقُومَ بِعَمَلٍ يَحْتَاجُهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَلاَ يُتَوَصَّل إِلَيْهِ إِلاَّ بِإِسْدَاءِ نَفْعٍ لِغَيْرِهِ يَحْتَاجُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ. كَمَا إِذَا أَعَارَ شَخْصٌ لآِخَرَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ، وَلَمَّا أَرَادَ الْمُعِيرُ اسْتِرْدَادَهَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ فَفَعَل، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِالدَّيْنِ. وَبِهَذَا قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (2) ، وَعَلَيْهِ نَصَّتْ مَجَلَّةُ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ فِي (م 732) مِنْهَا

أَقْسَامُ الدَّيْنِ:
34 - يَنْقَسِمُ الدَّيْنُ بِاعْتِبَارِ التَّعَلُّقِ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أ - دَيْنٌ مُطْلَقٌ: وَهُوَ الدَّيْنُ الْمُرْسَل الْمُتَعَلِّقُ بِالذِّمَّةِ وَحْدَهَا.
ب - دَيْنٌ مُوَثَّقٌ: وَهُوَ الدَّيْنُ الْمُتَعَلِّقُ بِعَيْنٍ مَالِيَّةٍ لِتَكُونَ وَثِيقَةً لِجَانِبِ الاِسْتِيفَاءِ كَدَيْنِ الرَّهْنِ وَنَحْوِهِ. وَثَمَرَةُ هَذَا التَّقْسِيمِ تَئُول إِلَى أَمْرَيْنِ:
__________
(1) درر الحكام 3 / 642
(2) تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 89، رد المحتار 5 / 331، القواعد لابن رجب ص 146 - 148، أعلام الموقعين 2 / 417 وما بعدها، درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 2 / 113، 130، 3 / 331، 342 وما بعدها، وانظر م 1310 - 1316 من مجلة الأحكام العدلية، وم 765 - 768، 772 من مرشد الحيران.
أَحَدُهُمَا: تَقْدِيمُ حَقِّ صَاحِبِ الدَّيْنِ الْمُوَثَّقِ فِي اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنَ الْعَيْنِ الَّتِي تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهَا عَلَى سَائِرِ الدَّائِنِينَ فِي حَال حَيَاةِ الْمَدِينِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
وَالثَّانِي: تَقْدِيمُ الدُّيُونِ الْمُوَثَّقَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ فِي حَال وَفَاةِ الْمَدِينِ عَلَى تَجْهِيزِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (1) . " إِيثَارًا لِلأَْهَمِّ، كَمَا تُقَدَّمُ تِلْكَ الْحُقُوقُ عَلَى حَقِّهِ فِي الْحَيَاةِ (2) ". أَمَّا الدُّيُونُ الْمُرْسَلَةُ فِي الذِّمَّةِ فَيُقَدَّمُ التَّجْهِيزُ عَلَيْهَا. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: " فَإِذَا رَهَنَ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ، فَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّجْهِيزِ، فَإِنْ فَضَل بَعْدَهُ شَيْءٌ صُرِفَ إِلَيْهِ (3) ". وَإِنَّمَا قُدِّمَتِ الدُّيُونُ الْمُوَثَّقَةُ عَلَى التَّجْهِيزِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَال قَبْل صَيْرُورَتِهِ تَرِكَةً، " وَالأَْصْل أَنَّ كُل حَقٍّ يُقَدَّمُ فِي الْحَيَاةِ يُقَدَّمُ فِي الْوَفَاةِ (4) ".
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ وَقَالُوا بِتَقْدِيمِ حَقِّ الْمَيِّتِ فِي تَجْهِيزِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى حُقُوقِ الدَّائِنِينَ، وَلَوْ كَانَتْ دُيُونُهُمْ مُتَعَلِّقَةً بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ " كَمَا يُقَدَّمُ الْمُفْلِسُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ؛ وَلأَِنَّ لِبَاسَ الْمُفْلِسِ
__________
(1) رد المحتار (بولاق 1272 هـ) 5 / 483 - 484، ونهاية المحتاج 6 / 5، 7، 8، تحفة المحتاج 6 / 385، والزرقاني على خليل 8 / 203، 204
(2) نهاية المحتاج 6 / 8
(3) رد المحتار 5 / 483 (بولاق سنة 1272 هـ) .
(4) رد المحتار 5 / 484

الصفحة 115