كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)
تَوْثِيقِ الدَّيْنِ بِالْكِتَابَةِ الْمُبَيِّنَةِ لَهُ الْمُعْرِبَةِ عَنْهُ الْمُعَرِّفَةِ لِلْحَاكِمِ بِمَا يَحْكُمُ عِنْدَ التَّرَافُعِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي صَكٍّ مُوَضِّحٍ لِلدَّيْنِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ (1) .
غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي حُجِّيَّةِ الْكِتَابَةِ فِي تَوْثِيقِ الدَّيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أ - فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى صِحَّةِ تَوْثِيقِ الدَّيْنِ بِالْكِتَابَةِ، وَأَنَّهَا بَيِّنَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي الإِْثْبَاتِ إِذَا كَانَتْ صَحِيحَةَ النِّسْبَةِ إِلَى كَاتِبِهَا (2) .
ب - وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ الْمُجَرَّدِ إِذَا لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْخُطُوطَ تَشْتَبِهُ وَالتَّزْوِيرَ فِيهَا مُمْكِنٌ، وَقَدْ تُكْتَبُ لِلتَّجْرِبَةِ أَوِ اللَّهْوِ. . وَمَعَ قِيَامِ هَذِهِ الاِحْتِمَالاَتِ وَالشُّبُهَاتِ لاَ يَبْقَى لِلْخَطِّ الْمُجَرَّدِ حُجِّيَّةٌ، وَلاَ يَصْلُحُ لِلاِعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ. أَمَّا إِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ
__________
(1) أحكام القرآن لابن العربي 1 / 248
(2) شرح أدب القاضي للجصاص ص 254، مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية ص 601، تبصرة الحكام لابن فرحون (بهامش فتاوى عليش) 1 / 363، كشاف القناع 4 / 373، ظفر اللاضي فيما يجب في القضاء على القاضي لصديق حسن خان (لاهور) ص 130، 131، الطرق الحكمية ص 205، كشف الأسرار 3 / 52، 53، معين الحكام ص 125، فتح العلي المالك لعليش 2 / 311، درر الحكام شرح مجلة الأحكام 4 / 137
وَثِيقَةً وَحُجَّةً؛ لأَِنَّ الشَّهَادَةَ تَرْفَعُ الشَّكَّ وَتُزِيل الاِحْتِمَال (1) .
وَمِنْ أَهَمِّ صُوَرِ التَّوْثِيقِ بِالْكِتَابَةِ:
44 - أَوَّلاً: إِذَا أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِأَنْ يَكْتُبَ إِقْرَارَهُ، فَيَكُونَ هَذَا الأَْمْرُ إِقْرَارًا حُكْمًا. جَاءَ فِي " الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ": " الأَْمْرُ بِكِتَابَةِ الإِْقْرَارِ إِقْرَارٌ حُكْمًا (2) ، فَإِنَّهُ كَمَا يَكُونُ بِاللِّسَانِ يَكُونُ بِالْبَنَانِ، فَلَوْ قَال لِلصَّكَّاكِ: اكْتُبْ خَطَّ إِقْرَارِي بِأَلْفٍ عَلَيَّ، أَوِ اكْتُبْ بَيْعَ دَارِي، أَوْ طَلاَقَ امْرَأَتِي صَحَّ (3) ".
45 - ثَانِيًا: إِنَّ قُيُودَ التُّجَّارِ - كَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ - الَّتِي تَكُونُ فِي دَفَاتِرِهِمُ الْمُعْتَدِّ بِهَا، وَتُبَيِّنُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ دُيُونٍ تُعْتَبَرُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي شَكْل صَكٍّ أَوْ سَنَدٍ رَسْمِيٍّ، وَذَلِكَ
__________
(1) طرح التثريب 6 / 191، الأبي على صحيح مسلم 4 / 338، أدب القاضي للماوردي 2 / 98، أصول السرخسي 1 / 358، كشف الأسرار للبخاري 3 / 52، المهذب 2 / 305، رد المحتار (بولاق 1272 هـ) 4 / 352، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 217، معين الحكام للطرابلسي (ط. الحلبي) ص 125، الطرق الحكمية (ط. السنة المحمدية) ص 204 وما بعدها، مرقاة المفاتيح للملا علي القاري 3 / 397، الإشراف للقاضي عبد الوهاب 2 / 280، كشاف القناع 4 / 373، شرح منتهى الإرادات 2 / 539
(2) قرة عيون الأخيار (الميمنية 1321 هـ) 2 / 97، الفتاوى الهندية (بولاق 1310 هـ) 4 / 167، درر الحكام 4 / 138، وانظر م 1607 من المجلة العدلية
(3) رد المحتار (بولاق 1272 هـ) 4 / 455
الصفحة 121