كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

دَنَانِيرُ، وَالآْخَرُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ، فَاصْطَرَفَا بِمَا فِي ذِمَّتَيْهِمَا، فَلاَ يَصِحُّ ذَلِكَ (1) . قَال الشَّافِعِيُّ فِي " الأُْمِّ ": " وَمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ لِرَجُلٍ، وَلِلرَّجُل عَلَيْهِ دَنَانِيرُ، فَحَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِل، فَتَطَارَحَاهَا صَرْفًا فَلاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ (2) ".
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَتَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَتَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَقَالُوا: بِجَوَازِ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ؛ لأَِنَّ الذِّمَّةَ الْحَاضِرَةَ كَالْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ قَدْ حَلاَّ مَعًا، فَأَقَامُوا حُلُول الأَْجَلَيْنِ فِي ذَلِكَ مَقَامَ النَّاجِزِ بِالنَّاجِزِ (3) .
__________
(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 200، المبدع 4 / 156، المغني 4 / 53، تكملة المجموع للسبكي 10 / 107، كشاف القناع 3 / 257
(2) الأم 3 / 33 (ط. دار المعرفة بلبنان 1393 هـ) .
(3) بداية المجتهد 2 / 224 (ط. دار الكتب الحديثة بمصر) ، تبيين الحقائق للزيلعي 4 / 140، شرح الخرشي 5 / 234، الزرقاني على خليل 5 / 232، منح الجليل 3 / 53، اختلاف الفقهاء للطبري ص 60، إيضاح المسالك للونشريسي ص 141، 328، طبقات الشافعية لابن السبكي (ط. الحلبي) 10 / 231، مواهب الجليل 4 / 310، الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية للبعلي ص 128، رد المحتار 4 / 239، تكملة المجموع للسبكي (مطبعة التضامن الأخوي) 10 / 107، القوانين الفقهية لابن جزي ص 320، مجموع فتاوى ابن تيمية (ط. الرياض) 20 / 512، نظرية العقد لابن تيمية ص 235
ب - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ جَعْل الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ رَأْسَ مَال سَلَمٍ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (1) .
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ وَقَالاَ: بِجَوَازِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ - وَهُوَ بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، أَيِ الدَّيْنِ الْمُؤَخَّرِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَخَّرِ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (2) .
ج - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ عَلَى أَنَّ الدَّائِنَ إِذَا بَاعَ الدَّيْنَ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ أَنْ يَقْبِضَ الدَّائِنُ الْعِوَضَ قَبْل التَّفَرُّقِ مِنَ الْمَجْلِسِ، كَيْ لاَ يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (3) .
أَمَّا إِذَا بَاعَ الدَّيْنَ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، فَلاَ يُشْتَرَطُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ قَبْضُ الْمُشْتَرِي،
__________
(1) رد المحتار 4 / 209، تبيين الحقائق 4 / 140، فتح العزيز 9 / 212، الشرح الكبير على المقنع 4 / 336، بدائع الصنائع 7 / 3155 (مطبعة الإمام) ، نهاية المحتاج 4 / 180، المغني / 329، شرح منتهى الإرادات 2 / 221
(2) أعلام الموقعين 2 / 9
(3) البدائع 7 / 3230، شرح منتهى الإرادات 2 / 222، كشاف القناع 3 / 294، المغني 4 / 134، المبدع 4 / 199، المجموع شرح المهذب (مطبعة التضامن الأخوي) 9 / 274، فتح العزيز 8 / 437

الصفحة 128