كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

يُؤَدِّيَ غَيْرَهَا؛ لأَِنَّهَا نَقْدٌ بِالْخِلْقَةِ، وَهَذَا التَّغَيُّرُ فِي قِيمَتِهَا لاَ تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى الدَّيْنِ أَلْبَتَّةَ (1) . وَقَدْ جَاءَ فِي (م 805) مِنْ مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ. " وَإِنِ اسْتَقْرَضَ شَيْئًا مِنَ الْمَكِيلاَتِ أَوِ الْمَوْزُونَاتِ أَوِ الْمَسْكُوكَاتِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَرَخُصَتْ أَسْعَارُهَا أَوْ غَلَتْ، فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا، وَلاَ عِبْرَةَ بِرُخْصِهَا وَغُلُوِّهَا ".
وَحَتَّى لَوْ زَادَتِ الْجِهَةُ الْمُصْدِرَةُ لِهَذِهِ الْعُمْلَةِ سِعْرَهَا أَوْ نَقَصَتْهُ، فَلاَ يَلْزَمُ الْمَدِينَ إِلاَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْعَقْدُ (2) .
يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: " ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَدَّدَ فِي زَمَانِنَا وُرُودُ الأَْمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِتَغْيِيرِ سِعْرِ بَعْضٍ مِنَ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ بِالنَّقْصِ، وَاخْتَلَفَ الإِْفْتَاءُ فِيهِ. وَالَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَال الآْنَ دَفْعُ النَّوْعِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا، كَمَا إِذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةِ رِيَالٍ إِفْرِنْجِيٍّ أَوْ مِائَةِ ذَهَبٍ عَتِيقٍ (3) ".
وَلَوْ أَبْطَلَتِ السُّلْطَةُ الْمُصْدِرَةُ لِهَذِهِ الْعُمْلَةِ التَّعَامُل بِهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُ الْمَدِينَ سِوَاهَا وَفَاءً بِالْعَقْدِ، إِذْ هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ الثَّابِتَةُ فِي الذِّمَّةِ دُونَ غَيْرِهَا. وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي
__________
(1) تنبيه الرقود على مسائل العقود لابن عابدين (مطبوع ضمن رسائل ابن عابدين) 2 / 14
(2) منح الجليل لعليش 2 / 534، قطع المجادلة عند تغيير المعاملة للسيوطي (مطبوع ضمن كتاب الحاوي للفتاوى) 1 / 97 وما بعدها
(3) تنبيه الرقود 2 / 66
" الأُْمِّ " وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ (1) . قَال الشَّافِعِيُّ: " وَمَنْ سَلَّفَ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ بَاعَ بِهَا، ثُمَّ أَبْطَلَهَا السُّلْطَانُ، فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ مِثْل فُلُوسِهِ أَوْ دَرَاهِمِهِ الَّتِي سَلَّفَ أَوْ بَاعَ بِهَا (2) ". وَقَال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إِذَا أُبْطِلَتْ هَذِهِ الْعُمْلَةُ وَاسْتُبْدِل بِهَا غَيْرُهَا، فَيُرْجَعُ إِلَى قِيمَةِ الْعُمْلَةِ الْمُلْغَاةِ مِنَ الذَّهَبِ، وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْقِيمَةَ ذَهَبًا (3) .
أَمَّا إِذَا عُدِمَتْ تِلْكَ الْعُمْلَةُ أَوِ انْقَطَعَتْ أَوْ فُقِدَتْ فِي بَلَدِ الْمُتَدَايِنَيْنِ، فَتَجِبُ عِنْدَئِذٍ قِيمَتُهَا مِمَّا تَجَدَّدَ وَتَوَفَّرَ التَّعَامُل بِهِ مِنَ الْعُمُلاَتِ (4) .
وَلَوْ قَلَّتْ أَوْ عَزَّ وُجُودُهَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ غَيْرُهَا لإِِمْكَانِ تَحْصِيلِهَا مَعَ الْعِزَّةِ، بِخِلاَفِ انْقِطَاعِهَا وَانْعِدَامِهَا وَفَقْدِهَا (5) . قَال الْهَيْثَمِيُّ: " وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَعَيَّنَ شَيْئًا مَوْجُودًا، اتُّبِعَ وَإِنْ عَزَّ (6) ".
وَتَجْدُرُ الإِْشَارَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ إِلَى أَنَّ الْحَنَابِلَةَ قَيَّدُوا الْقَوْل بِإِلْزَامِ الدَّائِنِ بِقَبُول مِثْل النَّقْدِ الَّذِي ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَإِلْزَامِ الْمَدِينِ بِأَدَائِهِ إِذَا كَانَ
__________
(1) حاشية الرهوني 5 / 118، 119، منح الجليل 2 / 534، حاشية المدني على كنون 5 / 118
(2) الأم 3 / 33 (ط. دار المعرفة ببيروت) .
(3) حاشية الرهوني 2 / 119
(4) منح الجليل 2 / 535
(5) نهاية المحتاج 3 / 397
(6) تحفة المحتاج 4 / 255

الصفحة 133