كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

اسْتِحْبَابَ أَخْذِهِ مِنْ أَسْفَل الْقَبْرِ إِنَّمَا كَانَ طَلَبًا لِلسُّهُولَةِ عَلَيْهِمْ وَالرِّفْقِ بِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الأَْسْهَل غَيْرَهُ كَانَ مُسْتَحَبًّا، قَال أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: كُلٌّ لاَ بَأْسَ بِهِ (1) .
ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى شِقِّهِ الأَْيْمَنِ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيَقُول وَاضِعُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ؛ لِمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَدْخَل الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ، قَال مَرَّةً: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ. وَقَال مَرَّةً: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2)
وَمَعْنَى بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْنَاكَ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ سَلَّمْنَاكَ.
وَقَال الْمَاتُرِيدِيُّ: هَذَا لَيْسَ دُعَاءً لِلْمَيِّتِ؛ لأَِنَّهُ إِنْ مَاتَ عَلَى مِلَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَدَّل حَالُهُ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُبَدَّل أَيْضًا، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنِينَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، فَيَشْهَدُونَ بِوَفَاةِ الْمَيِّتِ عَلَى الْمِلَّةِ، وَعَلَى هَذَا جَرَتِ السُّنَّةُ.
__________
(1) روضة الطالبين 2 / 133، وكشاف القناع 2 / 131، والمغني 2 / 496، 497.
(2) حديث عبد الله بن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أدخل الميت. . . " أخرجه الترمذي (3 / 355 ط الحلبي) ، وابن ماجه (1 / 495) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وَفِيهَا أَقْوَالٌ أُخْرَى ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ (1) .
ثُمَّ تُحَل عُقَدُ الْكَفَنِ لِلاِسْتِغْنَاءِ عَنْهَا، وَيُسَوَّى اللَّبِنُ عَلَى اللَّحْدِ، وَتُسَدُّ الْفُرَجُ بِالْمَدَرِ وَالْقَصَبِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَيْ لاَ يَنْزِل التُّرَابُ مِنْهَا عَلَى الْمَيِّتِ، وَيُكْرَهُ وَضْعُ الآْجُرِّ الْمَطْبُوخِ إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ رَخْوَةً؛ لأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل لِلزِّينَةِ، وَلاَ حَاجَةَ لِلْمَيِّتِ إِلَيْهَا، وَلأَِنَّهُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ. قَال مَشَايِخُ بُخَارَى: لاَ يُكْرَهُ الآْجُرُّ فِي بِلاَدِنَا لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ لِضَعْفِ الأَْرَاضِي، وَكَذَلِكَ الْخَشَبُ.
وَيُسْتَحَبُّ حَثْيُهُ مِنْ قِبَل رَأْسِهِ ثَلاَثًا: لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَحَثَى عَلَيْهِ مِنْ قِبَل رَأْسِهِ ثَلاَثًا (2) . وَيَقُول فِي الْحَثْيَةِ الأُْولَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} ، وَفِي الثَّانِيَةِ: {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} ، وَفِي الثَّالِثَةِ: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} .
وَقِيل: يَقُول فِي الأُْولَى: اللَّهُمَّ جَافِ الأَْرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ زَوِّجْهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَلِلْمَرْأَةِ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهَا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ.
__________
(1) ابن عابدين 1 / 600، والبدائع 1 / 319، والزرقاني 2 / 99، وروضة الطالبين 2 / 134، والمغني 2 / 500.
(2) حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة. . . " نجده من حديث أبي هريرة، وإنما ورد من حديث أبي أمامة بلفظ مقارب، أخرجه أحمد (5 / 254 - ط الميمنية) وضعفه النووي في المجموع (5 / 294 - ط المنيرية) .

الصفحة 14