كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

الرَّابِعُ: أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى يُحَصِّنُ الذَّاكِرَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَمِنْ أَذَاهُ (1) قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَّكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (2) .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ عَلَى قَلْبِهِ الْوَسْوَاسُ، فَإِذَا عَقَل فَذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ، وَإِذَا غَفَل وَسْوَسَ. (3)
الْخَامِسُ: مَا فِي الذِّكْرِ مِنَ الأَْجْرِ الْعَظِيمِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْحَدِيثِ أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَل مِنْكُمْ إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْل مَا صَنَعْتُمْ، قَالُوا بَلَى يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُل صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ (4) .
السَّادِسُ: أَنَّ الذِّكْرَ يَكْسُو الذَّاكِرِينَ الْجَلاَلَةَ
__________
(1) نزل الأبرار ص 23، وتحفة الذاكرين ص 14.
(2) سورة الأعراف / 201.
(3) حديث: " ما من مولود إلا على قلبه الوسواس ". أخرجه ابن جرير في تفسيره (30 / 355 - ط الحلبي) ، وضعفه ابن حجر في فتح الباري (8 / 741 - ط السلفية) ، وعلقه البخاري بلفظ مقارب، ورجح ابن حجر أن الأولى ورود صيغة التضعيف من البخاري.
(4) حديث: " ألا أحدثكم شيئًا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 325 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 416 - 417 - ط الحلبي) من حيث أبي هريرة.
وَالْمَهَابَةَ وَيُورِثُهُمْ مَحَبَّةَ اللَّهِ الَّتِي هِيَ رُوحُ الإِْسْلاَمِ، وَيُحْيِي عِنْدَهُمْ الْمُرَاقَبَةَ لَهُ وَالإِْنَابَةَ إِلَيْهِ وَالْهَيْبَةَ لَهُ وَتَتَنَزَّل السَّكِينَةُ. (1)
وَفِي الذِّكْرِ حَيَاةُ قَلْبِ الذَّاكِرِ وَلِينُهُ، وَزَوَال قَسْوَتِهِ، وَفِيهِ شِفَاءُ الْقَلْبِ مِنْ أَدْوَاءِ الْغَفْلَةِ وَحُبِّ الْمَعَاصِي، وَيُعِينُ الإِْنْسَانَ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَيُيَسِّرُ أَمْرَهَا، فَإِنَّهُ يُحَبِّبُهَا إِلَى الإِْنْسَانِ وَيُلِذُّهَا لَهُ، فَلاَ يَجِدُ لَهَا مِنَ الْكُلْفَةِ وَالْمَشَقَّةِ مَا يَجِدُهُ الْغَافِل.
وَفِي الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا مَثَل الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَل الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ (2) .
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ التَّارِكَ لِلذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ فِي حَيَاةٍ ذَاتِيَّةٍ فَلَيْسَ لِحَيَاتِهِ اعْتِبَارٌ، بَل هُوَ شَبِيهٌ بِالأَْمْوَاتِ حِسًّا الَّذِينَ أَجْسَادُهُمْ عُرْضَةٌ لِلْهَوَامِّ، وَبَوَاطِنُهُمْ مُتَعَطِّلَةٌ عَنِ الإِْدْرَاكِ وَالْفَهْمِ. (3)
السَّابِعُ: أَنَّ الذِّكْرَ أَيْسَرُ الْعِبَادَاتِ مَعَ كَوْنِهِ أَجَلَّهَا وَأَفْضَلَهَا وَأَكْرَمَهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ حَرَكَةَ اللِّسَانِ أَخَفُّ حَرَكَاتِ الْجَوَارِحِ، فِيهِ يَحْصُل الْفَضْل لِلذَّاكِرِ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَفِي سُوقِهِ، وَفِي حَال صِحَّتِهِ وَسَقَمِهِ، وَفِي حَال نَعِيمِهِ وَلَذَّتِهِ وَمَعَاشِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَاضْطِجَاعِهِ وَسَفَرِهِ، وَإِقَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ
__________
(1) نزل الأبرار ص 22.
(2) حديث: " مثل الذي يذكر ربه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 208 - ط السلفية) من حديث أبي موسى.
(3) تحفة الذاكرين ص 11 والفتوحات الربانية 1 / 219.

الصفحة 225