كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

التَّكْلِيفَ يَتَأَدَّى بِهِ. فَلَوْ أَتَى بَدَلَهُ بِذِكْرٍ غَيْرِ مَأْثُورٍ فَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ:
فَمَا كَانَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْعِبَادَةِ أَوْ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِهَا لَمْ يُمْكِنْ إِبْدَالُهُ، وَذَلِكَ كَأَذْكَارِ الأَْذَانِ، وَأَذْكَارِ الصَّلاَةِ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا كَالْفَاتِحَةِ، وَتَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ، وَالتَّشَهُّدِ.
وَمَا كَانَ الإِْتْيَانُ بِهِ مِنَ الأَْذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ مُسْتَحَبًّا أَوْ جَائِزًا فَفِي إِبْدَالِهِ بِغَيْرِهِ تَفْصِيلٌ:
فَالأَْصْل أَنَّ الإِْتْيَانَ بِالذِّكْرِ الْمَأْثُورِ أَفْضَل، وَإِنْ دَعَا وَذَكَرَ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَلِيقُ فَلاَ بَأْسَ.
فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الطَّوَافُ، قَال النَّوَوِيُّ: قَال أَصْحَابُنَا: الْقِرَاءَةُ فِي الطَّوَافِ أَفْضَل مِنَ الدَّعَوَاتِ غَيْرِ الْمَأْثُورَةِ وَأَمَّا الْمَأْثُورَةُ فَهِيَ أَفْضَل مِنِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الصَّحِيحِ (1) .
ب - أَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُنَاسَبَةِ الْمُعَيَّنَةِ ذِكْرٌ وَارِدٌ، فَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُنْكَرُ اسْتِعْمَال ذِكْرٍ مِمَّا يُحِبُّ الإِْنْسَانُ مِمَّا يَلِيقُ بِالْمُنَاسَبَةِ، أَخْذًا مِنْ إِطْلاَقِ الأَْمْرِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فِي النُّصُوصِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالنَّبَوِيَّةِ. دُونَ أَنْ يُدَّعَى لِذَلِكَ الذِّكْرِ أَوِ الدُّعَاءِ فَضْلٌ أَوْ خُصُوصِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ.
وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ وَبِدُخُول الأَْعْوَامِ وَالأَْشْهُرِ، قَال صَاحِبُ الدُّرِّ: التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ بِلَفْظِ تَقَبَّل اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ لاَ تُنْكَرُ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّمَا قَال ذَلِكَ لأَِنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. قَال: وَفِي
__________
(1) أذكار النووي والفتوحات الربانية 4 / 388.
الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَل فِيهَا عَنْ أَصْحَابِنَا كَرَاهَةٌ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: عِيدٌ مُبَارَكٌ وَنَحْوُهُ.
ثُمَّ قَال: عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الدُّعَاءُ بِالْبَرَكَةِ فِي أُمُورٍ شَتَّى فَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ بِهَذَا أَيْضًا. وَعَنِ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيِّ: أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِ وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لاَ سُنَّةَ فِيهِ وَلاَ بِدْعَةَ (1) . اهـ.
وَفِي الْمُغْنِي: عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: لاَ أَبْتَدِئُ بِهِ أَحَدًا وَإِنْ قَالَهُ أَحَدٌ رَدَدْتُ عَلَيْهِ (2) .
وَعَنْ مَالِكٍ فِي مِثْل " تَقَبَّل اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ، وَغَفَرَ لَنَا وَلَكَ " يَوْمَ الْعِيدِ: قَال: لاَ أَعْرِفُهُ وَلاَ أُنْكِرُهُ. قَال ابْنُ حَبِيبٍ: أَيْ: لاَ يَعْرِفُهُ سُنَّةً وَلاَ يُنْكِرُهُ عَلَى مَنْ يَقُولُهُ لأَِنَّهُ قَوْلٌ حَسَنٌ؛ لأَِنَّهُ دُعَاءٌ. قَال صَاحِبُ الْفَوَاكِهِ: وَمِثْلُهُ قَوْل النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ " عِيدٌ مُبَارَكٌ، وَأَحْيَاكُمُ اللَّهُ لأَِمْثَالِهِ " لاَ شَكَّ فِي جَوَازِ كُل ذَلِكَ (3) .
وَقَال الأَْوْزَاعِيُّ: هُوَ بِدْعَةٌ (4) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا سُنَّةٌ (5) . وَانْظُرْ بَحْثَ (تَهْنِئَةٌ) مِنَ الْمَوْسُوعَةِ (14 99) .
__________
(1) ابن عابدين 1 / 557، ونهاية المحتاج 2 / 391.
(2) المغني 2 / 399.
(3) الفواكه الدواني 1 / 322.
(4) ابن عابدين 1 / 557.
(5) القليوبي وعميرة 1 / 310، الفتوحات الربانية 1 / 119، 5 / 109، 377، الاعتصام 2 / 10 و 1 / 284.

الصفحة 239