كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ". قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذَا أَعْدَل الْوُجُوهِ، فَيُفْرَدُ مَا جَاءَ مَرْفُوعًا، وَإِذَا اخْتَارَ قَوْل مَا جَاءَ مَوْقُوفًا، أَوْ أَنْشَأَهُ هُوَ مِنْ قِبَل نَفْسِهِ مِمَّا يَلِيقُ، قَالَهُ عَلَى انْفِرَادِهِ حَتَّى لاَ يَخْتَلِطَ بِالْمَرْفُوعِ. قَال: وَهُوَ شَبِيهٌ بِحَال الدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِيهِ: ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ (1) . أَيْ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْمَرْفُوعِ (2) .
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ قَال: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَال: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَال رَجُلٌ وَرَاءَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ قَال: أَنَا. قَال: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّل (3) ، ثُمَّ قَال ابْنُ حَجَرٍ: اسْتَدَل بِهَذَا عَلَى إِحْدَاثِ ذِكْرٍ فِي الصَّلاَةِ غَيْرِ مَأْثُورٍ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُخَالِفٍ لِلْمَأْثُورِ (4) .
قَال عَلِيٌّ الْقَارِيُّ: وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلاً عَطَسَ إِلَى جَنْبِهِ فَقَال:
__________
(1) حديث: " ثم ليتخير بعد من المسألة ما شاء ". أخرجه مسلم (1 / 302 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود.
(2) فتح الباري 3 / 410، 411.
(3) حديث: رفاعة الزرقي: أخرجه البخاري (2 / 284 - ط السلفية) .
(4) فتح الباري 2 / 284، 287.
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُول اللَّهِ. فَقَال ابْنُ عُمَرَ. وَأَنَا أَقُول: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُول اللَّهِ وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) .
ثُمَّ بَيَّنَ الْقَارِيُّ وَجْهَ إِنْكَارِ ابْنِ عُمَرَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ قَائِلاً: الزِّيَادَةُ الْمَطْلُوبَةُ هِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْحَمْدِ لَهُ سَوَاءٌ وَرَدَ أَمْ لاَ، وَأَمَّا زِيَادَةُ ذِكْرٍ آخَرَ بِطَرِيقِ الضَّمِّ إِلَيْهِ فَغَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ؛ لأَِنَّ مَنْ سَمِعَ رُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْثُورِ بِهِ (2) .
التَّبْدِيل فِي أَلْفَاظِ الأَْذْكَارِ الْوَارِدَةِ:
25 - تَبْدِيل لَفْظٍ مِنَ الأَْذْكَارِ الْوَارِدَةِ بِلَفْظٍ آخَرَ اخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا، فَقِيل: هُوَ جَائِزٌ لأَِنَّهُ شَبِيهٌ بِالرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ اللَّفْظُ الْبَدِيل مُسَاوِيًا فِي الْمَعْنَى لِلَّفْظِ الْوَارِدِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمَازِرِيُّ فَقَال تَعْلِيقًا عَلَى حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لَهُ: إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَْيْمَنِ. ثُمَّ قُل: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ
__________
(1) حديث: ابن عمر في العطاس. أخرجه الترمذي (5 / 81 - ط الحلبي) وضعفه بقوله: " هذا حديث غريب ".
(2) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعلي القاري 9 / 100، الملقان (باكستان) ، المكتبة الإمدادية د. ت، والفتوحات الربانية 6 / 14.
الصفحة 241
342