كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)
نَفْسِي إِلَيْكَ. . إِلَى قَوْلِهِ: آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. . . قَال فَرَدَدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: وَرَسُولِكَ قَال: لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ (1) .
قَال الْمَازِرِيُّ عَقِبَهُ: سَبَبُ هَذَا الإِْنْكَارِ أَنَّ هَذَا ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ، فَيَنْبَغِي فِيهِ الاِقْتِصَارُ عَلَى الذِّكْرِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ، وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ، فَتَعَيَّنَ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا (2) . وَإِلَى مِثْل ذَلِكَ مَال ابْنُ حَجَرٍ (3) . وَهَذَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي الأَْذْكَارِ الْمُقَيَّدَةِ الَّتِي رَتَّبَ الشَّارِعُ عَلَيْهَا فَضْلاً خَاصًّا، لاَ فِي الذِّكْرِ الْمُطْلَقِ.
الذِّكْرُ بِالاِسْمِ الْمُفْرَدِ، وَبِالضَّمِيرِ الْمُفْرَدِ:
26 - ذَكَرَ الرَّشِيدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى النِّهَايَةِ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ فِي الذِّكْرِ بِالاِسْمِ الْمُفْرَدِ (اللَّهُ، اللَّهُ، اللَّهُ) خِلاَفًا فِي أَنَّهُ ذِكْرٌ أَمْ لاَ.
وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الاِسْمُ الْمُفْرَدُ مُظْهَرًا أَوْ مُضْمَرًا لَيْسَ بِكَلاَمٍ تَامٍّ وَلاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ إِيمَانٌ وَلاَ كُفْرٌ، وَلاَ أَمْرٌ، وَلاَ نَهْيٌ، وَلاَ يُعْطِي الْقَلْبَ
__________
(1) حديث البراء بن عازب: " إذا أتيت مضجعك ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 357 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 2081 - 2082 - ط الحلبي) .
(2) الفتوحات الربانية 3 / 144، وشرح صحيح مسلم للأبي 7 / 135.
(3) فتح الباري 11 / 112.
مَعْرِفَةً مُفِيدَةً، وَإِنَّمَا يُعْطِيهِ تَصَوُّرًا مُطْلَقًا. وَالذِّكْرُ بِالاِسْمِ الْمُضْمَرِ أَبْعَدُ عَنِ السُّنَّةِ (1) .
آدَابُ الذَّاكِرِينَ:
لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ آدَابٌ يَسْتَدْعِيهَا كَمَال الْمَذْكُورِ وَجَلاَلُهُ، وَإِذَا رُوعِيَتْ كَانَتْ أَوْلَى بِالْقَبُول وَالإِْجَابَةِ، فَمِنْ تِلْكَ الآْدَابِ:
أ - طَلَبُ الْعَوْنِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الذِّكْرِ:
27 - وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا عَلَى أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ (2) .
ب - أَنْ يَكُونَ الذَّاكِرُ مُتَطَهِّرًا مِنَ الْحَدَثِ:
28 - وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِحَدِيثِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ قَال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُول، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيَّ وَقَال: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ، أَوْ قَال: عَلَى طَهَارَةٍ (3) .
وَقَال ابْنُ عَلاَّنَ: يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ
__________
(1) نهاية المحتاج وحاشية الرشيدي 1 / 117، مختصر الفتاوى المصرية ص96، ومجموع فتاوى ابن تيمية 10 / 226، 227، 556 - 565.
(2) حديث: " اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك ". أخرجه أحمد (5 / 247 - ط الميمنية) ، والحاكم (3 / 273 - 274 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث معاذ بن جبل، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(3) الحديث تقدم تخريجه ف 1.
الصفحة 242
342