كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ هُوَ فِي حَالَةِ كَوْنِ الْخَطِيبِ فِي ذِكْرِ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ دُونَ مَا عَدَاهَا، فَلاَ يَحْرُمُ قَبْلَهَا وَلاَ بَيْنَهَا وَلاَ بَعْدَهَا وَلاَ يُكْرَهُ (1) .

ح - اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ فِي مَجْلِسِ الذِّكْرِ:
35 - مِنْ آدَابِ الذِّكْرِ اسْتِقْبَال الذَّاكِرِ الْقِبْلَةَ. قَال الشَّوْكَانِيُّ: وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا الْجِهَةُ الَّتِي يَتَوَجَّهُ إِلَيْهَا الْعَابِدُونَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالدَّاعُونَ لَهُ وَالْمُتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ (2) .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِنَّ لِكُل شَيْءٍ سَيِّدًا وَإِنَّ سَيِّدَ الْمَجَالِسِ قُبَالَةُ الْقِبْلَةِ (3) .
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ اسْتَقْبَل الْقِبْلَةَ (4) .

ط - الرَّغْبَةُ وَالْخُشُوعُ وَالتَّدَبُّرُ:
36 - مِنْ آدَابِ الذِّكْرِ أَنْ يَجْلِسَ الذَّاكِرُ مُتَذَلِّلاً
__________
(1) القليوبي 1 / 280.
(2) تحفة الذاكرين ص 34، 35، الفتوحات الربانية 1 / 136.
(3) حديث: " إن لكل شيء سيدًا، وإن سيد المجالس قبالة القبلة ". أورده الهيثمي في المجمع (8 / 59 - ط القدسي) ، وقال: " رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن ".
(4) حديث: " لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو في الاستسقاء استقبل القبلة ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 515 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري.
مُتَخَشِّعًا بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ. قَال النَّوَوِيُّ: وَلَوْ ذَكَرَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الأَْحْوَال جَازَ وَلاَ كَرَاهَةَ، وَيَكُونُ تَارِكًا لِلأَْفْضَل. اهـ.
قَال ابْنُ عَلاَّنَ: قَوْلُهُ مُتَخَشِّعًا أَيْ ذَا خُشُوعٍ فِي الْبَاطِنِ وَلَوْ بِتَكَلُّفِهِ، وَقِيل الْخُشُوعُ فِي الْجَوَارِحِ وَالْخُضُوعُ فِي الْقَلْبِ (1) . وَمِمَّا يُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} (2) وَقَال ابْنُ كَثِيرٍ: أَيِ اذْكُرِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً وَبِالْقَوْل (3) . وَقَال أَبُو حَيَّانَ: أَيْ يَذْكُرُهُ بِالْقَوْل الْخَفِيِّ الَّذِي يُشْعِرُ بِالتَّذَلُّل وَالْخُضُوعِ كَمَا يُنَاجِي الْمُلُوكَ (4) .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الذَّاكِرُ مُتَدَبِّرًا مُتَعَقِّلاً لِمَا يَذْكُرُ بِهِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيل وَذِكْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَإِنْ جَهِل شَيْئًا مِمَّا يَذْكُرُ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَبَيَّنَهُ وَلاَ يَحْرِصَ عَلَى تَحْصِيل الْكَثْرَةِ بِالْعَجَلَةِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَدَاءِ الذِّكْرِ مَعَ الْغَفْلَةِ وَهُوَ خِلاَفُ الْمَطْلُوبِ، وَقَلِيل الذِّكْرِ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ خَيْرٌ مِنَ الْكَثِيرِ مِنْهُ مَعَ الْجَهْل وَالْفُتُورِ.
وَقَال الشَّوْكَانِيُّ: التَّدَبُّرُ لِلذِّكْرِ أَكْمَل لأَِنَّ الذَّاكِرَ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُخَاطِبِ وَالْمُنَاجِي. ثُمَّ قَال: وَيَكُونُ أَجْرُهُ أَتَمَّ وَأَوْفَى، وَلاَ يُنَافِي ثُبُوتَ
__________
(1) الفتوحات الربانية 1 / 136، وتحفة الذاكرين ص 36.
(2) سورة الأعراف / 205.
(3) تفسير ابن كثير عند تفسير آخر سورة الأعراف.
(4) الفتوحات الربانية 3 / 75.

الصفحة 248