كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

الشَّاطِبِيُّ إِذَا الْتُزِمَ بِدْعَةً إِضَافِيَّةً تُجْتَنَبُ (1) ، قَال: إِذَا نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ فَالْتَزَمَ قَوْمٌ الاِجْتِمَاعَ عَلَيْهِ عَلَى لِسَانٍ وَاحِدٍ وَصَوْتٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ فِي نَدْبِ الشَّرْعِ مَا يَدُل عَلَى هَذَا التَّخْصِيصِ الْمُلْتَزَمِ؛ لأَِنَّ الْتِزَامَ الأُْمُورِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ يُفْهَمُ عَلَى أَنَّهُ تَشْرِيعٌ، وَخُصُوصًا مَعَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ كَالْمَسَاجِدِ، فَإِذَا أُظْهِرَتْ هَذَا الإِْظْهَارَ وَوُضِعَتْ فِي الْمَسَاجِدِ كَسَائِرِ الشَّعَائِرِ كَالأَْذَانِ وَصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ، فُهِمَ مِنْهَا بِلاَ شَكٍّ أَنَّهَا سُنَّةٌ إِنْ لَمْ تُفْهَمْ مِنْهَا الْفَرْضِيَّةُ، فَلَمْ يَتَنَاوَلْهَا الدَّلِيل الْمُسْتَدَل بِهِ، فَصَارَتْ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ بِدَعًا مُحْدَثَةً. وَنَحْوُهُ لاِبْنِ الْحَاجِّ (2) فِي الْمَدْخَل (3) .
__________
(1) الاعتصام للشاطبي 1 / 200 القاهرة، المكتبة التجارية، وينظر ابن عابدين 5 / 255.
(2) اللجنة ترى أن اشتراك مجموعة في الأذكار المأثورة أو الأدعية الواردة أو قراءة القرآن بصوت واحد جائز بشرط عدم التشويش على المصلين أو غيرهم مما هم فيه من عمل مشروع ولا سيما إذا كانت هذه الطريقة تساعد على النشاط وتعليم غير المتعلم، وبشرط ألا تعتقد هذه الكيفية
(3) المدخل لابن الحاج 1 / 297.
حَال الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الذِّكْرِ:
42 - ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى حَال الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الذِّكْرِ، فَنَعَتَهُمْ تَارَةً بِالْوَجَل، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (1) ، وَبِالْخُشُوعِ، كَمَا قَال تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَل مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْل فَطَال عَلَيْهِمُ الأَْمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (2) وَنَعَتَهُمْ تَارَةً أُخْرَى بِالطُّمَأْنِينَةِ عِنْدَ الذِّكْرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (3) .
وَجَمَعَ بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّل أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمِنْ يُضْلِل اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (4) .
فَأَمَّا الْوَجَل فَهُوَ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا يَقُومُ بِالْقَلْبِ مِنَ الرَّهْبَةِ عِنْدَ ذِكْرِ عَظَمَتِهِ وَجَلاَلِهِ وَنَظَرِهِ إِلَى الْقُلُوبِ وَالأَْعْمَال، وَذِكْرِ أَمْرِ الآْخِرَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْحِسَابِ وَالْعِقَابِ، فَيَقْشَعِرُّ الْجَلْدُ بِسَبَبِ الْخَوْفِ الآْخِذِ بِمَجَامِعِ الْقُلُوبِ،
__________
(1) سورة الأنفال / 2.
(2) سورة الحديد / 16.
(3) سورة الرعد / 28.
(4) سورة الزمر / 23.

الصفحة 253