كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنْ أَذْكَارِهِمُ الَّتِي يَفْعَلُونَهَا فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ.
وَقَال ابْنُ عَلاَّنَ: الْمُرَادُ بِالأَْحْوَال: الأَْحْوَال الْمُتَعَلِّقَةُ بِالأَْوْقَاتِ، لاَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالأَْسْبَابِ كَالذِّكْرِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلاَل وَسَمَاعِ الرَّعْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلاَ يُنْدَبُ تَدَارُكُهُ عِنْدَ فَوَاتِ سَبَبِهِ. وَمَنْ تَرَكَ الأَْوْرَادَ بَعْدَ اعْتِيَادِهَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ (1) .

ب - تَكْرَارُ الأَْذْكَارِ وَعَدُّهَا:
47 - تَكْرَارُ الذِّكْرِ مَشْرُوعٌ. وَقَدْ وَرَدَتِ الأَْحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ بِتَرْتِيبِ الأَْجْرِ عَلَى أَذْكَارٍ تُكَرَّرُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ مَنْ قَال لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْل عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِل أَكْثَرَ مِنْهُ (2) .
وَالتَّكْرَارُ لِعَدَدٍ مَحْدُودٍ يَقْتَضِي عَدَّ الذِّكْرِ بِشَيْءٍ يَحْسِبُهُ بِهِ، وَوَرَدَ عَنْ يَسِيرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيل وَالتَّقْدِيسِ، وَاعْقِدْنَ
__________
(1) الفتوحات الربانية والأذكار النووية 1 / 149 وما بعدها، وعدة الحصن الحصين ص 33، ونزل الأبرار ص 10.
(2) حديث: " من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 201 - ط السلفية) ومسلم (4 / 2071 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
بِالأَْنَامِل فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ (1) يَعْنِي أَنَّ الأَْنَامِل تَشْهَدُ لِلذَّاكِرِ، فَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَعْقِدْنَ عَدَدَ التَّسْبِيحِ مُسْتَعِينَاتٍ بِالأَْنَامِل.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَال: رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ. وَفِي رِوَايَةٍ قَال: يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَمِينِهِ (2) .
قَال ابْنُ عَلاَّنَ: يُحْتَمَل أَنَّ الْمُرَادَ الْعَقْدُ بِنَفْسِ الأَْنَامِل، أَوْ بِجُمْلَةِ الأَْصَابِعِ. قَال: وَالْعَقْدُ بِالْمَفَاصِل أَنْ يَضَعَ إِبْهَامَهُ فِي كُل ذِكْرٍ عَلَى مِفْصَلٍ، وَالْعَقْدُ بِالأَْصَابِعِ أَنْ يَعْقِدَهَا ثُمَّ يَفْتَحَهَا. وَفِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ: الْعَقْدُ هُنَا بِمَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ (3) .

وَيَجُوزُ التَّسْبِيحُ بِالْحَصَى وَالنَّوَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ عَقَدَ أَبُو دَاوُدَ بَابًا بِعِنْوَانِ: بَابُ التَّسْبِيحِ بِالْحَصَى (4) . أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَل عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ بِهِ، فَقَال: أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَل،
__________
(1) حديث: " عليكن بالتسبيح. . . " أخرجه الترمذي (5 / 571 - ط الحلبي) ، وقال: " هذا حديث غريب ".
(2) حديث عبد الله بن عمرو: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح " أخرجه أبو داود (2 / 170 - 171 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والحاكم (1 / 547 - ط دائرة المعارف العثمانية) ، وصححه الذهبي.
(3) الفتوحات الربانية 3 / 250.
(4) عون المعبود 4 / 366 نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.

الصفحة 258