كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

الْمَجَالِسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ أَلَّفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ تَآلِيفَ مَشْهُورَةً. وَيُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا بِالرُّجُوعِ إِلَى مَوَاضِعِهَا فِي هَذِهِ الْمَوْسُوعَةِ أَوْ فِي الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ فِي الأَْذْكَارِ.

أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى الذِّكْرِ:
52 - مَا كَانَ مِنَ الأَْذْكَارِ وَاجِبًا لَمْ يَجُزْ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَيْهِ.
قَال الْقَلْيُوبِيُّ: مَا كَانَ عَلَى مَسْنُونٍ كَالأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ الْقُرْآنِ تَجُوزُ الإِْجَارَةُ عَلَيْهَا وَأَخْذُ الأُْجْرَةِ حَيْثُ كَانَ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ (1) .
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازُ أَخْذِ الأُْجْرَةِ عَلَى الأَْذَانِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَابْنِ الْمُنْذِرِ: أَنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى الأَْذَانِ (2) .

ثَانِيًا: الذِّكْرُ بِمَعْنَى النُّطْقِ بِاسْمِ الشَّخْصِ أَوِ الشَّيْءِ:
53 - وَهُوَ بِمَعْنَى الْقَوْل أَوِ الْحِكَايَةِ.
وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِحَسَبِ الشَّيْءِ الْمَذْكُورِ أَوِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ، وَبِحَسَبِ مَا يَقُولُهُ عَنْهُ. وَالأَْصْل أَنَّ الذِّكْرَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُبَاحٌ، وَتَعْرِضُ لَهُ
__________
(1) القليوبي 3 / 74.
(2) المغني 1 / 415.
الأَْحْكَامُ الأُْخْرَى: فَمِنْهُ مَا يَكُونُ وَاجِبًا كَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِحَقٍّ. فَإِنَّهَا ذِكْرٌ لِلْمَشْهُودِ بِهِ.
وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مُسْتَحَبًّا، كَذِكْرِ مَا يَكُونُ فِيهِ الْخَيْرُ، كَإِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَدَلاَلَتِهِمْ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَكَذِكْرِ الْفَاسِقِ الْمُجَاهِرِ بِمَا فِيهِ لِيُعْرَفَ، وَذِكْرِ أَهْل الْبِدَعِ لِئَلاَّ يُغْتَرَّ بِهِمْ.
وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مَكْرُوهًا كَالنُّطْقِ بِأَمْرٍ فِيهِ شُبْهَةُ التَّحْرِيمِ أَوِ الدَّلاَلَةُ عَلَيْهِ.
وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مُحَرَّمًا كَالْغِيبَةِ (1) ، وَهِيَ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيل: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُول؟ قَال: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُول فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ. وَقَدْ يَكُونُ مُكَفِّرًا كَمَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ أَوْ كِتَابَهُ بِاسْتِهْزَاءٍ أَوِ اسْتِخْفَافٍ فَيَسْتَحِقُّ قَائِلُهُ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ حَدُّ الرِّدَّةِ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُ إِنْ كَانَ ذِمِّيًّا. وَانْظُرْ: (غِيبَة، رِدَّة، اسْتِخْفَاف) .

ثَالِثًا: الذِّكْرُ بِمَعْنَى اسْتِحْضَارِ الشَّيْءِ فِي الْقَلْبِ:
54 - وَهُوَ يُقَابِل النِّسْيَانَ. وَالذَّاكِرُ فِي حَال الْمُخَالَفَةِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ فِعْل الْمُحَرَّمِ مُسْتَحِقٌّ لِلإِْثْمِ، وَتَلْزَمُهُ الأَْحْكَامُ
__________
(1) حديث: " ذكرك أخاك بما يكره " أخرجه مسلم (4 / 2001 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.

الصفحة 262