كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

ذِمَّةٌ

التَّعْرِيفُ:
1 - الذِّمَّةُ فِي اللُّغَةِ تُفَسَّرُ بِالْعَهْدِ وَبِالأَْمَانِ كَتَسْمِيَةِ الْمُعَاهَدِ بِالذِّمِّيِّ، وَفُسِّرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ (1) بِالأَْمَانِ، وَالذِّمَّةُ أَيْضًا الضَّمَانُ، فَإِذَا قُلْتَ فِي ذِمَّتِي كَذَا يَكُونُ الْمَعْنَى فِي ضَمَانِي، وَتُجْمَعُ عَلَى ذِمَمٍ، كَسِدْرَةٍ وَسِدَرٍ.
وَأَمَّا الذِّمَّةُ فِي الشَّرْعِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهَا كَمَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْكُلِّيَّاتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا وَصْفًا، وَعَرَّفَهَا: بِأَنَّهَا وَصْفٌ يَصِيرُ الشَّخْصُ بِهِ أَهْلاً لِلإِْيجَابِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلاَمِ أَبِي زَيْدٍ فِي التَّقْوِيمِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّمَّةِ الْعَقْل، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا ذَاتًا، وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الإِْسْلاَمِ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ، وَلِهَذَا عَرَّفَهَا بِأَنَّهَا نَفْسٌ لَهَا عَهْدٌ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ يُولَدُ وَلَهُ ذِمَّةٌ صَالِحَةٌ لِلْوُجُوبِ لَهُ وَعَلَيْهِ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَمِلْكُ
__________
(1) حديث: " ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 42 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 998 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب.
النِّكَاحِ، وَيَلْزَمُهُ عُشْرُ أَرْضِهِ وَخَرَاجُهَا بِالإِْجْمَاعِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ. وَقَدِ اسْتَعْمَلَهَا الْفُقَهَاءُ بِمَعْنَى الْعَهْدِ، وَاسْتَعْمَلَهَا بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ بِمَعْنَى أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ، وَجَاءَ فِي الْمُغْرِبِ أَنَّ الذِّمَّةَ تُطْلَقُ عَلَى مَحَل الاِلْتِزَامِ كَقَوْلِهِمْ: ثَبَتَ فِي ذِمَّتِي، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُول: هِيَ مَحَل الضَّمَانِ وَالْوُجُوبِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُول: هِيَ مَعْنًى يَصِيرُ بِسَبَبِهِ الآْدَمِيُّ عَلَى الْخُصُوصِ أَهْلاً لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ لَهُ وَعَلَيْهِ. (1)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِلْتِزَامُ:
2 - أَصْل الاِلْتِزَامِ اللُّزُومُ، وَمَعْنَى اللُّزُومِ فِي اللُّغَةِ الثُّبُوتُ وَالدَّوَامُ، يُقَال لَزِمَ الشَّيْءُ يَلْزَمُ لُزُومًا أَيْ ثَبَتَ وَدَامَ، وَلَزِمَهُ الْمَال وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَزِمَهُ: وَجَبَ حُكْمُهُ، وَأَلْزَمْتُهُ الْمَال وَالْعَمَل فَالْتَزَمَهُ، وَالاِلْتِزَامُ أَيْضًا الاِعْتِنَاقُ.
وَالاِلْتِزَامُ أَيْضًا: إِلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لاَزِمًا لَهُ، أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ قَبْل، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى شَامِلٌ لِلْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ.
__________
(1) الصحاح، والمصباح، والمغرب مادة: (ذمم) ، التعريفات للجرجاني / 143 ط. دار الكتاب العربي، والكليات (2 / 346 ط. دمشق) ، التلويح على التوضيح (3 / 153 ط الأولى) ، وكشف الأسرار للبزدوي (4 / 239 ط. دار الكتاب العربي) ، وحاشية الجمل على المنهج (5 / 205 ط. إحياء التراث) ، ونهاية المحتاج (8 / 75 - 76 ط. المكتبة الإسلامية) .

الصفحة 274