كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)
فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ. (1)
وَقَاسَ الْفُقَهَاءُ غَيْرَ الأَْكْل وَالشُّرْبِ مِنْ سَائِرِ الاِسْتِعْمَالاَتِ عَلَيْهِمَا لِوُجُودِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَهِيَ عَيْنُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلِلْخُيَلاَءِ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا إِلَى عَدَمِ جَوَازِ اتِّخَاذِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا؛ لأَِنَّ اتِّخَاذَهَا يَجُرُّ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا كَآلَةِ اللَّهْوِ. وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يَحْرُمُ الاِتِّخَاذُ دُونَ اسْتِعْمَالٍ؛ لأَِنَّ النَّصَّ إِنَّمَا وَرَدَ فِي تَحْرِيمِ الاِسْتِعْمَال، فَيَبْقَى الاِتِّخَاذُ عَلَى مُقْتَضَى الأَْصْل فِي الإِْبَاحَةِ. (2)
اسْتِعْمَال الْمُضَبَّبِ بِالذَّهَبِ:
18 - الْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ فِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (آنِيَة) . (3)
التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ حَالَةَ الإِْحْدَادِ:
19 - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الإِْحْدَادِ عَلَى
__________
(1) حديث: " الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 96 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1634 - ط الحلبي) من حديث أم سلمة، واللفظ للبخاري، وليس عندهما ذكر " (الذهب ") ورواه مسلم (3 / 1635) بلفظ: " من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارًا من جهنم ".
(2) فتح القدير (8 / 81) ، والعدوي (1 / 373) ، وجواهر الإكليل (1 / 10) ، وأسنى المطالب (1 / 37) ، والروضة (1 / 44 - 46) ، والمغني (1 / 77) ، وحاشية ابن عابدين (5 / 226) ، الموسوعة (1 / 117 - 118) .
(3) الموسوعة (1 / 118) .
الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ بِالزَّوْجَةِ. وَالإِْحْدَادُ: تَرْكُ الزِّينَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى إِغْرَاءِ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ عَادَةً. وَلَمَّا كَانَ لُبْسُ الْحُلِيِّ مِنَ الزِّينَةِ الْمُغْرِيَةِ عَادَةً فَيُمْنَعُ التَّحَلِّي بِهِ فِي الْعِدَّةِ.
وَنَقَل الرُّويَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازَ لُبْسِهَا لِلْحُلِيِّ لَيْلاً، وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَلَوْ فَعَلَتْهُ لإِِحْرَازِ الْمَال مَثَلاً لَمْ يُكْرَهْ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (إِحْدَاد، وَتَحْلِيَة، وَحُلِيّ) .
تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَجُدُرِهَا بِالذَّهَبِ:
20 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى تَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَجُدْرَانِهَا وَمَحَارِيبِهَا بِالذَّهَبِ، وَتَجِبُ إِزَالَتُهُ، إِلاَّ إِذَا اسْتُهْلِكَ الذَّهَبُ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ لَوْ أُزِيل، فَلاَ تَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ، لأَِنَّ مَالِيَّتَهُ ذَهَبَتْ فَلاَ فَائِدَةَ فِي إِتْلاَفِهِ وَإِزَالَتِهِ.
وَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخِلاَفَةَ أَرَادَ جَمْعَ مَا فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ مِمَّا مُوِّهَ بِهِ مِنَ الذَّهَبِ، فَقِيل: إِنَّهُ لاَ يُجْمَعُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَتَرَكَهُ.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَال صَاحِبُ الدُّرِّ: " وَلاَ بَأْسَ بِنَقْشِهِ خَلاَ مِحْرَابِهِ بِجِصٍّ وَمَاءِ ذَهَبٍ مِنْ مَالِهِ لاَ مِنْ مَال الْوَقْفِ ".
الصفحة 284
342