كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)
الْمَال بِصَرْفِ هَذِهِ الأَْمْوَال فِي مَصَارِفِهَا كُلٌّ بِحَسَبِهِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ سِجِلٌّ هُوَ دِيوَانُ بَيْتِ الْمَال لِضَبْطِ مَا يَرِدُ إِلَيْهِ وَمَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنْ أَمْوَالٍ، وَلِضَبْطِ مَصَارِفِهَا كَذَلِكَ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: " بَيْتُ الْمَال (1) ".
سَابِعًا: الْوُزَرَاءُ:
10 - لَمَّا كَانَ الْمُتَعَذِّرُ عَلَى الإِْمَامِ الْقِيَامَ بِنَفْسِهِ بِأَعْبَاءِ الْحُكْمِ وَتَسْيِيرِ شُئُونِ الدَّوْلَةِ مَعَ كَثْرَتِهَا كَانَ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْتَنِيبَ الْوُزَرَاءَ ذَوِي الْكِفَايَةِ لِذَلِكَ.
وَالْوَزِيرُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَزِيرَ تَفْوِيضٍ، أَوْ وَزِيرَ تَنْفِيذٍ. أَمَّا وَزِيرُ التَّفْوِيضِ فَهُوَ مِنْ يُفَوِّضُ لَهُ الإِْمَامُ تَدْبِيرَ أُمُورِ الدَّوْلَةِ وَإِمْضَاءَهَا بِاجْتِهَادِهِ، وَلَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ فِي شُئُونِ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ وَكِيلٌ عَنِ الإِْمَامِ فِيمَا وُلِّيَ عَلَيْهِ، وَأُسْنِدَ إِلَيْهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي وَزِيرِ التَّفْوِيضِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الإِْمَامِ بِاسْتِثْنَاءِ كَوْنِهِ قُرَشِيًّا، وَكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا عَلَى خِلاَفٍ فِيهِ، وَكَمَا يَجُوزُ لِوَزِيرِ التَّفْوِيضِ أَنْ يُبَاشِرَ شُئُونَ الدَّوْلَةِ، يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يُبَاشِرُهَا، وَكُل مَا صَحَّ مِنَ الإِْمَامِ صَحَّ مِنَ الْوَزِيرِ إِلاَّ أُمُورًا ثَلاَثَةً:
أَحَدُهَا: وِلاَيَةُ الْعَهْدِ، فَإِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْهَدَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَزِيرِ.
ثَانِيهَا: أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَطْلُبَ الإِْعْفَاءَ مِنَ الإِْمَامَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَزِيرِ.
__________
(1) الموسوعة 8 / 242.
ثَالِثُهَا: أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْزِل مَنْ قَلَّدَهُ الْوَزِيرُ، وَلَيْسَ لِلْوَزِيرِ عَزْل مَنْ قَلَّدَهُ الإِْمَامُ.
وَالْوَزَارَةُ وِلاَيَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى عَقْدٍ، وَالْعُقُودُ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ الْمُشْتَمِل عَلَى شَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عُمُومُ النَّظَرِ. وَالثَّانِي: النِّيَابَةُ.
فَإِذَا اقْتَصَرَ الإِْمَامُ عَلَى عُمُومِ النَّظَرِ دُونَ النِّيَابَةِ كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا بِوِلاَيَةِ الْعَهْدِ، إِذْ أَنَّ نَظَرَهُ عَامٌّ كَنَظَرِ الإِْمَامِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَنُوبُ عَنْهُ حَال حَيَاتِهِ، وَأَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَابَةِ دُونَ عُمُومِ النَّظَرِ كَانَتْ نِيَابَةً مُبْهَمَةً لَمْ تُبَيِّنْ مَا اسْتَنَابَهُ فِيهِ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ بَيْنَ عُمُومِ النَّظَرِ وَالنِّيَابَةِ؛ لِتَنْعَقِدَ وَزَارَةُ التَّفْوِيضِ.
أَمَّا وَزِيرُ التَّنْفِيذِ فَلاَ يَسْتَقِل بِالنَّظَرِ كَوَزِيرِ التَّفْوِيضِ، فَتَقْتَصِرُ مُهِمَّتُهُ عَلَى تَنْفِيذِ أَمْرِ الإِْمَامِ فَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الإِْمَامِ وَالرَّعِيَّةِ يُبَلِّغُهُمْ أَوَامِرَهُ وَيُخْبِرُهُمْ بِتَقْلِيدِ الْوُلاَةِ، وَلِذَا لاَ يَحْتَاجُ وَزِيرُ التَّنْفِيذِ إِلَى عَقْدٍ وَتَقْلِيدٍ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهَا مُجَرَّدُ الإِْذْنِ، وَتَقْصُرُ فِي شُرُوطِهَا عَنْ شُرُوطِ وَزَارَةِ التَّفْوِيضِ. وَلَمَّا قَصُرَتْ مُهِمَّتُهُ عَلَى تَبْلِيغِ الْخَلِيفَةِ وَالتَّبْلِيغِ عَنْهُ، اشْتُرِطَ فِيهِ الأَْمَانَةُ وَالصِّدْقُ، وَقِلَّةُ الطَّمَعِ، وَأَنْ يَسْلَمَ مِنْ عَدَاوَةِ النَّاسِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ ضَابِطًا لِمَا يَنْقِل، وَأَنْ لاَ يَكُونَ مِنْ أَهْل الأَْهْوَاءِ. وَقَدْ يُشَارِكُ وَزِيرُ التَّنْفِيذِ فِي الْمَشُورَةِ وَالرَّأْيِ فَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ
الصفحة 41