كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)
وَفِي بَيَانِ الْمُرَادِ مِنَ الْعَاقِلَةِ، وَتَحْدِيدِهَا، وَكَيْفِيَّةِ تَحْمِيلِهَا الدِّيَةَ، وَمِقْدَارُ مَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنَ الدِّيَةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (عَاقِلَة) .
14 - وَدِيَةُ الْقَتْل الْخَطَأِ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ، وَلاَ تُغَلَّظُ فِي أَيِّ حَالٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ حَيْثُ قَالُوا بِتَغْلِيظِهَا فِي ثَلاَثِ حَالاَتٍ:
1 - إِذَا حَدَثَ الْقَتْل فِي حَرَمِ مَكَّةَ، تَحْقِيقًا لِلأَْمْنِ.
2 - إِذَا حَدَثَ الْقَتْل فِي الأَْشْهُرِ الْحُرُمِ، أَيْ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ.
3 - إِذَا قَتَل الْقَاتِل ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ. فَفِي هَذِهِ الْحَالاَتِ تَجِبُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ؛ لِمَا رَوَى مُجَاهِدٌ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَضَى فِيمَنْ قَتَل فِي الْحَرَمِ، أَوْ فِي الأَْشْهُرِ الْحُرُمِ، أَوْ مَحْرَمًا بِالدِّيَةِ وَثُلُثِ الدِّيَةِ. وَلاَ تُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي الْقَتْل فِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُغَلَّظُ؛ لأَِنَّهَا كَالْحَرَمِ فِي تَحْرِيمِ الصَّيْدِ فَكَذَلِكَ فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ (1) .
أَمَّا تَغْلِيظُ الدِّيَةِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ فَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي مَوْضِعِهِ، مَعَ بَيَانِ مَعْنَى التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ فِي الدِّيَةِ.
وَتَجِبُ الدِّيَةُ مِنْ صِنْفِ الْمَال الَّذِي يَمْلِكُهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ. فَإِنْ كَانَتْ مِنَ الإِْبِل تُؤَدَّى فِي
__________
(1) مغني المحتاج 4 / 54، والمهذب 2 / 196، 197، والمغني 7 / 772، 774.
الْقَتْل الْخَطَأِ أَخْمَاسًا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَهِيَ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً اتِّفَاقًا (1) . وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: هِيَ مِنْ بَنِي الْمَخَاضِ، وَهَذَا قَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ أَيْضًا (2) . لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: فِي دِيَةِ الْخَطَأِ: عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ ذَكَرٍ (3) . (رَاجِعْ بَيَانَ هَذِهِ الأَْنْوَاعِ مِنَ الإِْبِل فِي مُصْطَلَحَاتِهَا) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا فِي الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ: هِيَ مِنْ بَنِي اللَّبُونِ، وَهَذَا قَوْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَرَبِيعَةَ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَى الَّذِي قُتِل بِخَيْبَرَ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِل الصَّدَقَةِ (4) وَلَيْسَ
__________
(1) البدائع 7 / 254، وبداية المجتهد 2 / 275، ومغني المحتاج 4 / 54، والمهذب 2 / 197، والمغني 7 / 769، 771.
(2) البدائع 7 / 254، والمغني 7 / 770.
(3) حديث ابن مسعود في دية الخطأ: " عشرون حقة. . . " أخرجه أبو داود (4 / 680 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والدارقطني (2 / 173 - ط دار المحاسن) ، وضعفه الدارقطني، وأطال في بيان وجوه تضعيفه.
(4) حديث: " ودى الذي قتل بخيبر بمائة من إبل الصدقة ". أخرجه البخاري (الفتح 12 / 229 - 230 - ط السلفية) من حديث سهل بن أبي حثمة.
الصفحة 49