كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

د - الْقَتْل بِالتَّسَبُّبِ:
27 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْل بِالسَّبَبِ مُطْلَقًا، بَل تَجِبُ الدِّيَةُ؛ لأَِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا فِي الْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ الْقَتْل مُبَاشَرَةً، وَلاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ فَيُقْتَصُّ مِنَ الْقَاتِل فِي بَعْضِ حَالاَتِ التَّسَبُّبِ عِنْدَهُمْ.
وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ، وَلَمْ يَقُولُوا بِالْقِصَاصِ فِي حَالاَتٍ أُخْرَى بَل قَالُوا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ (1) .
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (قَتْلٌ بِالتَّسَبُّبِ) .

مَا تَجِبُ مِنْهُ الدِّيَةُ: (أُصُول الدِّيَةِ) :
28 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْبِل أَصْلٌ فِي الدِّيَةِ، فَتُقْبَل إِذَا أُدِّيَتْ مِنْهَا عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ (2) .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى الإِْبِل: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ أُصُول الدِّيَةِ أَيْ مَا تُقْضَى مِنْهُ الدِّيَةُ مِنَ الأَْمْوَال ثَلاَثَةُ أَجْنَاسٍ: الإِْبِل وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ
__________
(1) البدائع 7 / 239، 274، والمهذب 2 / 194، المغني 7 / 645، 822، 823، الدسوقي مع الشرح الكبير 4 / 243، 244، والمواق 6 / 241، ومغني المحتاج 4 / 6، وجواهر الإكليل 2 / 245.
(2) البدائع 7 / 253، 254، والفواكه الدواني 2 / 257، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 266، ومغني المحتاج 4 / 55، 56، وكشاف القناع 6 / 18، 19، والمغني 7 / 759 وما بعدها.
فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الإِْبِل (1) ، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: عَلَى أَهْل الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْل الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (2) .
فَالدِّيَةُ عَلَى أَهْل الإِْبِل مِائَةٌ مِنَ الإِْبِل، وَعَلَى أَهْل الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ وَعَلَى أَهْل الْوَرِقِ (الْفِضَّةِ) اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى أَهْل الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْل الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً قُتِل فَجَعَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.
قَال النَّفْرَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ: صَرْفُ دِينَارِ الدِّيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، كَدِينَارِ السَّرِقَةِ وَالنِّكَاحِ، بِخِلاَفِ دِينَارِ الْجِزْيَةِ وَالزَّكَاةِ فَصَرْفُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَأَمَّا دِينَارُ الصَّرْفِ فَلاَ يَنْضَبِطُ (3) .
__________
(1) حديث: " إن في النفس مائة من الإبل " تقدم من حديث عمرو بن حزم ف / 7.
(2) حديث: " على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم ". مركب من حديثين، الأول تقدم من حديث عمرو بن حزم ف / 7، والثاني ورد من قضائه صلى الله عليه وسلم، أخرجه أبو داود (4 / 681 - 682 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث ابن عباس، وأعل بالإرسال كما في التلخيص لابن حجر (4 / 23 ط شركة الطباعة الفنية) .
(3) الزيلعي 1 / 127، والفواكه الدواني 2 / 257، ومغني المحتاج 4 / 56، وكشاف القناع 6 / 8، والمغني 7 / 760. وحديث: أن رجلاً قتل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفًا. تقدم في التعليق على الحديث السابق.

الصفحة 57