كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 21)

لِلْجِنَايَةِ: كَأَنْ مَاتَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مُبَاشَرَةً أَوْ دَامَ أَلَمُهُ ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّهُ قَتْل إِنْسَانٍ حَيٍّ (1) .
وَإِذَا أَلْقَتْهُ نَتِيجَةً؛ لِلْجِنَايَةِ عَلَيْهَا مَيِّتًا بَعْدَ مَوْتِهَا فَاخْتَلَفُوا فِيهِ:
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: فِي الأُْمِّ الدِّيَةُ، وَلاَ شَيْءَ فِي الْجَنِينِ؛ لأَِنَّ مَوْتَهَا سَبَبٌ لِمَوْتِهِ؛ لأَِنَّهُ يَخْتَنِقُ بِمَوْتِهَا، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَتَنَفَّسُ بِنَفَسِهَا، وَاحْتُمِل مَوْتُهُ بِالضَّرْبَةِ فَلاَ تَجِبُ الْغُرَّةُ بِالشَّكِّ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ أَيْضًا؛ لأَِنَّهُ جَنِينٌ تَلِفَ بِحِنَايَةٍ، وَعُلِمَ ذَلِكَ بِخُرُوجِهِ فَوَجَبَ ضَمَانُهُ، كَمَا لَوْ سَقَطَ فِي حَيَاتِهَا، وَلأَِنَّهُ آدَمِيٌّ مَوْرُوثٌ فَلاَ يَدْخُل فِي ضَمَانِ أُمِّهِ كَمَا لَوْ خَرَجَ حَيًّا (3) . وَإِنْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ مَيِّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَفِي كُل وَاحِدَةٍ غُرَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهُ ضَمَانُ آدَمِيٍّ فَتَتَعَدَّدُ الْغُرَّةُ بِتَعَدُّدِهِ كَالدِّيَاتِ.
وَإِنْ أَلْقَتْهُمْ أَحْيَاءَ ثُمَّ مَاتُوا فَفِي كُل وَاحِدٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ حَيًّا فَمَاتَ، وَبَعْضُهُمْ مَيِّتًا، فَفِي الْحَيِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي الْمَيِّتِ غُرَّةٌ (4) .
وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ خَلْقِهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا وَلَمْ
__________
(1) الاختيار 5 / 44، والدسوقي 4 / 269، ومغني المحتاج 102 - 104، والمغني 7 / 799، 806.
(2) الاختيار 5 / 44، والدسوقي 4 / 269.
(3) مغني المحتاج 4 / 103، والمغني 7 / 804، 806.
(4) المراجع السابقة.
يَخْرُجْ بَاقِيهِ فَفِيهِ غُرَّةٌ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَقَال مَالِكٌ وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ تَجِبُ الْغُرَّةُ حَتَّى تُلْقِيَهُ كَامِلاً (1) .
قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلَوْ أَلْقَتْ يَدًا أَوْ رِجْلاً وَمَاتَتْ فَتَجِبُ غُرَّةٌ؛ لأَِنَّ الْعِلْمَ قَدْ حَصَل بِوُجُودِ الْجَنِينِ، وَالْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْيَدَ بَانَتْ بِالْجِنَايَةِ، وَلَوْ عَاشَتْ وَلَمْ تُلْقِ جَنِينًا فَلاَ يَجِبُ إِلاَّ نِصْفُ غُرَّةٍ، كَمَا أَنَّ يَدَ الْحَيِّ لاَ يَجِبُ فِيهَا إِلاَّ نِصْفُ دِيَةٍ وَلاَ يُضْمَنُ بَاقِيهِ؛ لأَِنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ تَلَفَهُ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ لِلْعُضْوِ الزَّائِدِ حُكُومَةٌ، وَلَوْ أَلْقَتْ يَدًا ثُمَّ جَنِينًا مَيِّتًا بِلاَ يَدٍ قَبْل الاِنْدِمَال وَزَال الأَْلَمُ مِنَ الأُْمِّ فَغُرَّةٌ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْيَدَ مُبَانَةٌ مِنْهُ بِالْجِنَايَةِ، أَوْ حَيًّا فَمَاتَ مِنَ الْجِنَايَةِ فَدِيَةٌ وَدَخَل فِيهَا أَرْشُ الْيَدِ، فَإِنْ عَاشَ وَشَهِدَ الْقَوَابِل أَوْ عُلِمَ أَنَّهَا يَدُ مَنْ خُلِقَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ فَنِصْفُ دِيَةٍ لِلْيَدِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدِ الْقَوَابِل بِذَلِكَ وَلَمْ يُعْلَمْ فَنِصْفُ غُرَّةٍ لِلْيَدِ عَمَلاً بِالْيَقِينِ، أَوْ أَلْقَتْهُ بَعْدَ الاِنْدِمَال وَزَال الأَْلَمُ أُهْدِرَ الْجَنِينُ لِزَوَال الأَْلَمِ الْحَاصِل بِالْجِنَايَةِ، وَوَجَبَ لِلْيَدِ الْمُلْقَاةِ قَبْلَهُ إِنْ خَرَجَ مَيِّتًا نِصْفُ غُرَّةٍ، أَوْ حَيًّا وَمَاتَ أَوْ عَاشَ فَنِصْفُ دِيَةٍ إِنْ شَهِدَ
__________
(1) الاختيار 5 / 44، والدسوقي 4 / 269، ومغني المحتاج 4 / 103، والمغني 7 / 805، 806، وقد راجعت اللجنة كتاب الاختيار وابن عابدين ومجمع الضمانات والمبسوط، ولم تجد للحنفية نصًّا في هذه الصورة.

الصفحة 63