كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

تَفَرُّدَ الْوَاحِدِ بِنَقْل مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى مَعَ تَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ طَرِيقٍ قَرِيبٌ مِنَ الْكَذِبِ.

9 - النَّوْعُ الثَّانِي: قَوَاعِدُ التَّرْجِيحِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَتْنِ وَدَلاَلَتِهِ عَلَى الْحُكْمِ.
1 - أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ أَمْرًا دَالًّا عَلَى الْوُجُوبِ وَالثَّانِي نَهْيًا دَالًّا عَلَى الْحَظْرِ، فَالدَّال عَلَى الْحَظْرِ مُرَجَّحٌ عَلَى الدَّال عَلَى الْوُجُوبِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ تَرْجِيحُ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الأَْوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ (1) عَلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَسِيَ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا (2) وَمَنْ قَال بِأَنَّ الصَّلاَةَ ذَاتَ السَّبَبِ تُصَلَّى فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ - وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ - اسْتَفَادُوا هَذَا مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ أَفَادَ خُصُوصِيَّةَ الصَّلاَةِ ذَاتِ السَّبَبِ فَخَصُّوا بِهِ عُمُومَ حَدِيثِ النَّهْيِ.
2 - أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا دَالًّا عَلَى الْحَظْرِ وَالآْخَرُ عَلَى الإِْبَاحَةِ:
وَلِلأُْصُولِيِّينَ اتِّجَاهَاتٌ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ الْحَظْرَ عَلَى الإِْبَاحَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ الإِْبَاحَةَ عَلَى الْحَظْرِ.
__________
(1) حديث النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة. أخرجه مسلم (1 / 570 - ط الحلبي) من حديث عمرو بن عبسة.
(2) حديث: " من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها " أخرجه مسلم (1 / 477 - ط الحلبي) من حديث أنس.
وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَ الْحَظْرِ وَالإِْبَاحَةِ فَيَتَسَاقَطَانِ لِتَسَاوِي الْمُثْبِتِ مَعَ النَّافِي.
3 - يُرَجَّحُ الدَّال عَلَى الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهَةِ وَالنَّدْبِ عَلَى الدَّال عَلَى الإِْبَاحَةِ.
4 - يُرَجَّحُ الْحَقِيقِيُّ عَلَى الْمَجَازِيِّ لِعَدَمِ افْتِقَارِ الْحَقِيقِيِّ لِلْقَرِينَةِ.
5 - يُرَجَّحُ مَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارٍ وَلاَ حَذْفٍ عَلَى مَا احْتَاجَ إِلَيْهِمَا.
6 - أَنْ تَكُونَ دَلاَلَةُ أَحَدِهِمَا مُؤَكَّدَةً دُونَ الأُْخْرَى، فَيُرَجَّحُ الْمُؤَكَّدُ عَلَى غَيْرِهِ لأَِنَّهُ أَقْوَى دَلاَلَةً كَحَدِيثِ: فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ (1) .
7 - يُرَجَّحُ مَا دَل بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ عَلَى مَا دَل بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لِلاِخْتِلاَفِ فِيهِ دُونَ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ. وَفِي قَوْلٍ يُرَجَّحُ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ عَلَى الْمُوَافَقَةِ؛ لأَِنَّ الْمُخَالَفَةَ تُفِيدُ التَّأْسِيسَ دُونَ الْمُوَافَقَةِ.

10 - النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْجِيحِ بِأَمْرٍ خَارِجٍ وَقَدْ أَثْبَتَهُ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ:
وَذَكَرَ الآْمِدِيُّ مِنْ ذَلِكَ:
1 - أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ مُوَافِقًا لِدَلِيلٍ آخَرَ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ عَقْلٍ أَوْ حِسٍّ،
__________
(1) حديث: " فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل " أخرجه الترمذي (3 / 399 - ط الحلبي) من حديث عائشة، وقال: " هذا حديث حسن ".

الصفحة 102