كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)
صَرِيحٌ فِي الرَّجْعَةِ، وَكَذَا إِذَا قَال: رَدَدْتُكِ أَوْ أَمْسَكْتُكِ ".
وَقَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الأَْلْفَاظَ الَّتِي تَصِحُّ بِهَا الرَّجْعَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الأَْوَّل: اللَّفْظُ الصَّرِيحُ مِثْل رَاجَعْتُكِ وَارْتَجَعْتُكِ إِلَى نِكَاحِي، وَهَذَا الْقِسْمُ تَصِحُّ بِهِ الرَّجْعَةُ وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: الْكِنَايَةُ: وَهِيَ الأَْلْفَاظُ الَّتِي تَحْتَمِل مَعْنَى الرَّجْعَةِ وَمَعْنًى آخَرَ غَيْرَهَا، كَأَنْ يَقُول: أَنْتِ عِنْدِي كَمَا كُنْتِ، أَوْ أَنْتِ امْرَأَتِي وَنَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ.
فَأَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ تَحْتَمِل الرَّجْعَةَ وَغَيْرَهَا مِثْل أَنْتِ عِنْدِي كَمَا كُنْتِ، فَإِنَّهَا تَحْتَمِل كَمَا كُنْتِ زَوْجَةً، وَكَمَا كُنْتِ مَكْرُوهَةً، وَلِذَلِكَ قَال الْفُقَهَاءُ: إِنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَيُسْأَل عَنْهَا، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ الأَْلْفَاظِ مِثْل رَدَدْتُكِ وَأَمْسَكْتُكِ هَل هِيَ مِنَ الصَّرِيحِ أَوِ الْكِنَايَةِ، فَذَهَبَ فَرِيقٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ وَتَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ.
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ " رَدَدْتُكِ " يَحْتَمِل الرَّدَّ إِلَى الزَّوْجِيَّةِ أَوْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا، " وَأَمْسَكْتُكِ " يَحْتَمِل الإِْمْسَاكَ بِالزَّوْجِيَّةِ أَوِ الإِْمْسَاكَ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا فِي عِدَّتِهَا.
وَذَهَبَ فَرِيقٌ آخَرُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَمَعَهُمْ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ هَذَيْنِ
اللَّفْظَيْنِ مِنْ صَرِيحِ الرَّجْعَةِ فَلاَ يَحْتَاجَانِ إِلَى نِيَّةٍ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا أَحْكَامُ الرَّجْعَةِ دَلَّتْ عَلَيْهَا بِلَفْظَيِ الرَّدِّ وَالإِْمْسَاكِ (1) . قَال تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (2) وَقَال تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (3) .
ثَانِيًا: الرَّجْعَةُ بِالْفِعْل:
13 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْجِمَاعَ وَمُقَدِّمَاتِهِ تَصِحُّ بِهِمَا الرَّجْعَةُ، جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ " قَال: أَوْ يَطَؤُهَا، أَوْ يَلْمَسُهَا بِشَهْوَةٍ، أَوْ يَنْظُرُ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ، وَهَذَا عِنْدَنَا (4) "، وَقَوْلُهُمْ هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَهُمْ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّعْبِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِ الزَّوْجَةِ سِوَى الْفَرْجِ رَجْعَةً.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الرَّجْعَةَ تُعْتَبَرُ اسْتِدَامَةً لِلنِّكَاحِ
__________
(1) البناية على الهداية 4 / 592 - 593، وبدائع الصنائع 3 / 181 - 182، والخرشي 4 / 80، ومغني المحتاج 3 / 337، وكشاف القناع 5 / 342.
(2) سورة البقرة / 228.
(3) سورة الطلاق / 2.
(4) الهداية مع حاشية البناية 4 / 593.
الصفحة 110