كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

وَقَوَاعِدِهِ، فَإِنَّ الأَْئِمَّةَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أُصُول الأَْحْكَامِ، وَمَتَى قَال بَعْضُهُمْ قَوْلاً مَرْجُوحًا فَأُصُولُهُ تَرُدُّهُ وَتَقْتَضِي الْقَوْل الرَّاجِحَ.
وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال أَبُو عَمْرٍو: اخْتِيَارُ أَحَدِ أَتْبَاعِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِلْقَدِيمِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيل اخْتِيَارِهِ مَذْهَبَ غَيْرِ الشَّافِعِيِّ إِذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَيْهِ. (1)
2 - الرُّجُوعُ فِي الْعُقُودِ:
أ - الرُّجُوعُ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ:
14 - الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ (غَيْرُ اللاَّزِمَةِ) كَالْعَارِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْوَدِيعَةِ، عُقُودٌ غَيْرُ لاَزِمَةٍ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا يُبِيحُ الرُّجُوعَ فِيهَا إِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ الَّتِي حَدَّدَهَا الْفُقَهَاءُ كَشَرْطِ نُضُوضِ (2) رَأْسِ الْمَال فِي الْمُضَارَبَةِ، وَشَرْطِ عِلْمِ الطَّرَفِ الآْخَرِ بِالْفَسْخِ، وَشَرْطِ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي الرُّجُوعِ، فَمَنِ اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ، وَأَرَادَ الْمُعِيرُ الرُّجُوعَ، فَإِنَّ الرُّجُوعَ الْفِعْلِيَّ يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ، وَمَنْ أَعَارَ مَكَانًا لِدَفْنٍ، وَحَصَل الدَّفْنُ فِعْلاً فَلاَ يَرْجِعُ الْمُعِيرُ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ، كَمَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ الْمُقَيَّدَةَ بِأَجَلٍ أَوْ عَمَلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ
__________
(1) المجموع 1 / 113، وإعلام الموقعين 4 / 238 - 239
(2) الناض من المال: ما كان نقدًا، وهو ضد العرض، الزاهر: ف / 302.
رُجُوعَ فِيهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ الأَْجَل أَوِ الْعَمَل. (1)

ب - الْعُقُودُ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْخِيَارُ:
15 - الْعُقُودُ الَّتِي مِنْ طَبِيعَتِهَا اللُّزُومُ كَالْبَيْعِ، يَكُونُ لُزُومُهَا بِتَمَامِ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول، مَا لَمْ يَلْحَقْهَا الْخِيَارُ فَإِذَا لَحِقَهَا الْخِيَارُ صَارَتْ عُقُودًا غَيْرَ لاَزِمَةٍ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، فَيَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا. (2) انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (خِيَار) .

3 - الرُّجُوعُ بِالإِْقَالَةِ:
16 - الإِْقَالَةُ - سَوَاءٌ اعْتُبِرَتْ فَسْخًا أَوْ بَيْعًا - تُعْتَبَرُ رُجُوعًا فِي الْعَقْدِ بِرِضَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَهِيَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْجَائِزَةِ بَل الْمَنْدُوبَةِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَقَال مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ (3) وَالْقَصْدُ مِنْهَا رَدُّ كُل حَقٍّ إِلَى صَاحِبِهِ، فَفِي الْبَيْعِ مَثَلاً يَعُودُ - بِمُقْتَضَاهَا - الْمَبِيعُ إِلَى الْبَائِعِ، وَالثَّمَنُ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَفِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ لاَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَنِ الأَْوَّل أَوْ نَقْصُهُ أَوْ رَدُّ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ لأَِنَّ
__________
(1) البدائع 6 / 37، 77، 109، 216، 7 / 378، وجواهر الإكليل 2 / 115، 132، 177، 318، والشرح الصغير 2 / 208 - ط الحلبي، ومغني المحتاج 2 / 215، 270، 319، 3 / 71، القليوبي وعميرة 3 / 21، 22، وشرح منتهى الإرادات 2 / 305، 394، 398، 545، والدسوقي 3 / 535، والمبسوط 12 / 47.
(2) البدائع 5 / 134، ومغني المحتاج 2 / 44، وشرح منتهى الإرادات 2 / 167 - 168
(3) الحديث تقدم في ف / 5.

الصفحة 135