كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

تَنْعَدِمُ الْجِنَايَةُ بِعَوْدِهِ فَلاَ يَسْقُطُ الدَّمُ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ مَا تَلَبَّسَ بِأَفْعَال الْحَجِّ مِنْ طَوَافٍ وَغَيْرِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ بِاتِّفَاقٍ. (1)

ب - رُجُوعُ الْمُعْتَدَّةِ إِلَى مَنْزِل الْعِدَّةِ:
25 - يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ خَرَجَتْ لِحَجٍّ أَوْ زِيَارَةٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهَا مُوجِبُ الْعِدَّةِ مِنْ طَلاَقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجِهَا هَل يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ إِلَى مَنْزِلِهَا لِتَعْتَدَّ فِيهِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ شَرْعًا عَلَيْهَا حَيْثُ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُعْتَدَّاتِ عَنِ الْخُرُوجِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَل: {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ} (2) أَمْ لاَ يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ؟ قَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةُ طَلاَقٍ بَائِنٍ أَوْ عِدَّةُ وَفَاةٍ بَعْدَمَا خَرَجَتْ لِلْحَجِّ فَإِنْ كَانَ إِلَى مَنْزِلِهَا أَقَل مِنْ مُدَّةِ سَفَرٍ وَإِلَى مَكَّةَ مُدَّةُ سَفَرٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهَا لِتَعْتَدَّ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِنْشَاءُ سَفَرٍ فَصَارَ كَأَنَّهَا فِي بَلَدِهَا.
وَإِنْ كَانَ إِلَى مَكَّةَ أَقَل مِنْ مُدَّةِ سَفَرٍ وَإِلَى مَنْزِلِهَا مُدَّةُ سَفَرٍ مَضَتْ إِلَى مَكَّةَ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الْمَحْرَمِ فِي أَقَل مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَقَل مِنْ مُدَّةِ سَفَرٍ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ مَضَتْ وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا، وَالرُّجُوعُ أَوْلَى لِيَكُونَ الاِعْتِدَادُ فِي مَنْزِل الزَّوْجِيَّةِ، وَهُوَ
__________
(1) البدائع 2 / 165، وجواهر الإكليل 1 / 170، ومغني المحتاج 1 / 475، والمغني 3 / 266.
(2) سورة الطلاق / 1.
أَوْجَهُ. نَقَل هَذَا ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ، وَفِي الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ؛ لأَِنَّهَا إِذَا رَجَعَتْ صَارَتْ مُقِيمَةً، وَإِذَا مَضَتْ كَانَتْ مُسَافِرَةً.
وَإِنْ كَانَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مُدَّةُ سَفَرٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مِصْرَ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ وَجَدَتْ مَحْرَمًا.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إِذَا وَجَدَتْ مَحْرَمًا، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِلاَ مَحْرَمٍ بِلاَ خِلاَفٍ. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَفَازَةِ أَوْ فِي بَعْضِ الْقُرَى بِحَيْثُ لاَ تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا فَلَهَا أَنْ تَمْضِيَ فَتَدْخُل مَوْضِعَ الأَْمْنِ، ثُمَّ لاَ تَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، سَوَاءٌ وَجَدَتْ مَحْرَمًا أَمْ لَمْ تَجِدْ.
وَعِنْدَهُمَا تَخْرُجُ إِذَا وَجَدَتْ مَحْرَمًا. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: عَلَى الْمُعْتَدَّةِ أَنْ تُمْضِيَ مُدَّةَ الْعِدَّةِ فِي بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ قَبْل طُرُوءِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ نَقَلَهَا الزَّوْجُ قَبْل الْمَوْتِ أَوِ الطَّلاَقِ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، وَاتُّهِمَ أَنَّهُ نَقَلَهَا لِيُسْقِطَ سُكْنَاهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مُقِيمَةً بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ أَوِ الطَّلاَقِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ لِمَنْزِلِهَا لِتَعْتَدَّ فِيهِ.
__________
(1) البدائع 2 / 1242، 3 / 206 - 207، وابن عابدين 2 / 622، وفتح القدير والعناية عليه 4 / 168.

الصفحة 141