كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيل لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (1)
أَيْ إِذَا رَدُّوكُمْ مِنَ الْبَابِ قَبْل الإِْذْنِ أَوْ بَعْدَهُ فَرُجُوعُكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ. (2)

د - الرُّجُوعُ مِنَ السَّفَرِ لِحَقِّ الزَّوْجَةِ:
27 - لِلزَّوْجَةِ حَقٌّ فِي الْوَطْءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَفِي مُؤَانَسَةِ زَوْجِهَا لَهَا، وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ مُسَافِرًا التَّعْجِيل بِالرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِهِ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّل إِلَى أَهْلِهِ وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيُعَجِّل الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ (3) .
قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي الْحَدِيثِ: كَرَاهَةُ التَّغَرُّبِ عَنِ الأَْهْل لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَاسْتِحْبَابُ اسْتِعْجَال الرُّجُوعِ، وَلاَ سِيَّمَا مَنْ يَخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ
__________
(1) سورة النور / 27 - 28
(2) بدائع الصنائع 5 / 124 - 125، والفواكه الدواني 2 / 427، والشرح الصغير 2 / 530 - ط الحلبي، ومغني المحتاج 4 / 199، ومختصر تفسير ابن كثير 2 / 596 - 597
(3) حديث: " السفر قطعة من العذاب " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 622 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1526 - ط الحلبي) والرواية الثانية أخرجها أحمد في المسند (2 / 496 ط الميمنية) .
بِالْغَيْبَةِ، وَلِذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يَغِيبَ الرَّجُل فِي سَفَرِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (أَيْ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الإِْيلاَءِ) وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَل حَفْصَةَ: كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنِ الرَّجُل؟ فَقَالَتْ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَأَمَرَ أُمَرَاءَ الأَْجْنَادِ أَنْ لاَ يَتَخَلَّفَ الْمُتَزَوِّجُ عَنْ أَهْلِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا عَنْهَا، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ زِيَادَةُ مُضَارَّةٍ بِهَا لَمَا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْفِرَاقَ بِالإِْيلاَءِ مِنْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ: خَمْسَةَ أَشْهُرٍ أَوْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَأَنَّ عُمَرَ وَقَّتَ لِلنَّاسِ فِي مَغَازِيهِمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَرْجِعُونَ بَعْدَهَا. (1)

هـ - الرُّجُوعُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُنْكَرِ:
28 - وُجُودُ الْمُنْكَرِ فِي أَيِّ مَكَانٍ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الرُّجُوعِ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِزَالَتِهِ.
فَمَنْ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَعَلَيْهِ الإِْجَابَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُنْكَرٌ كَخَمْرٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الإِْنْكَارُ وَإِزَالَةُ الْمُنْكَرِ لَزِمَهُ الْحُضُورُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الإِْنْكَارِ لاَ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِوُجُودِ الْمُنْكَرِ حَتَّى حَضَرَ أَزَالَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ رَجَعَ، وَقِيل: يَصْبِرُ مَعَ
__________
(1) فتح الباري 3 / 622 - 623، وابن عابدين 2 / 398، وجواهر الإكليل 1 / 91، والمهذب 2 / 107 - 108، والمغني 7 / 31، والآداب الشرعية 1 / 482.

الصفحة 144