كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

وَبِذَلِكَ يَكُونُ الإِْدْرَاكُ أَعَمَّ مِنَ الرُّؤْيَةِ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالْبَصَرِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ الْحَوَاسِّ، وَلِذَلِكَ يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: مُدْرَكُ الْعِلْمِ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ: الرُّؤْيَةُ وَالسَّمَاعُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَاللَّمْسُ (1) .

ب - النَّظَرُ:
3 - النَّظَرُ: طَلَبُ ظُهُورِ الشَّيْءِ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْحَوَاسِّ. وَالنَّظَرُ بِالْقَلْبِ مِنْ جِهَةِ التَّفَكُّرِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّظَرِ وَالرُّؤْيَةِ أَنَّ النَّظَرَ تَقْلِيبُ الْعَيْنِ حِيَال مَكَانِ الْمَرْئِيِّ طَلَبًا لِرُؤْيَتِهِ، وَالرُّؤْيَةُ هِيَ إِدْرَاكُ الْمَرْئِيِّ. وَقَال الْبَاقِلاَّنِيُّ: النَّظَرُ هُوَ الْفِكْرُ الَّذِي يُطْلَبُ بِهِ عِلْمٌ أَوْ غَلَبَةُ ظَنٍّ (2) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِطَلَبِ الرُّؤْيَةِ بِاخْتِلاَفِ مَا تُسْتَعْمَل فِيهِ الرُّؤْيَةُ فَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْكِفَايَةِ كَرُؤْيَةِ هِلاَل رَمَضَانَ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ. وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ مُسْتَحَبَّةً كَرُؤْيَةِ الْمَخْطُوبَةِ. وَقَدْ تَكُونُ حَرَامًا كَرُؤْيَةِ عَوْرَةِ الأَْجْنَبِيِّ. وَقَدْ تَكُونُ مُبَاحَةً كَرُؤْيَةِ الأَْشْيَاءِ الْعَادِيَّةِ.
وَسَيَأْتِي تَفْصِيلٌ لِذَلِكَ فِي الْبَحْثِ.
__________
(1) المغني 9 / 158 ط الرياض.
(2) الفروق للعسكري 67، وكشاف اصطلاحات الفنون 6 / 1386.
مَا يَتَعَلَّقُ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:
رُؤْيَةُ الأَْجْنَبِيَّاتِ وَالْمَحَارِمِ:
5 - يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل تَعَمُّدُ رُؤْيَةِ مَا يُعْتَبَرُ عَوْرَةً مِنَ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَحْرَمًا أَمْ أَجْنَبِيَّةً عَلَى الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ مَا هُوَ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحْرَمِ وَمَا هُوَ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيِّ. هَذَا مَعَ اسْتِثْنَاءِ حَالاَتِ الضَّرُورَةِ كَالنَّظَرِ لِلْعِلاَجِ أَوْ مِنْ أَجْل الشَّهَادَةِ.
كَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَعَمُّدُ رُؤْيَةِ مَا يُعْتَبَرُ عَوْرَةً مِنَ الرَّجُل سَوَاءٌ أَكَانَ مَحْرَمًا أَمْ أَجْنَبِيًّا مَعَ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ مَا هُوَ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحْرَمِ وَمَا هُوَ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجْنَبِيِّ.
وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل تَعَمُّدُ رُؤْيَةِ الْعَوْرَةِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَعَمُّدُ رُؤْيَةِ الْعَوْرَةِ مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا. . .} (1) إِلَخْ الآْيَةِ.
وَلِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَِسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: يَا أَسْمَاءُ: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا
__________
(1) سورة النور / 30، 31

الصفحة 16