كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)
الشَّرْعِ. (1) (انْظُرْ مُصْطَلَحَ: ضَرُورَة) .
وَعَلَى هَذَا الأَْسَاسِ قَعَّدَ الْفُقَهَاءُ قَاعِدَةً هَامَّةً مِنْ قَوَاعِدِ الأُْصُول الْقَرِيبَةِ نَصُّهَا: الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ. (2) وَهِيَ تُعَدُّ مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَتَيْنِ الْكُلِّيَّتَيْنِ: إِذَا ضَاقَ الأَْمْرُ اتَّسَعَ. وَالضَّرَرُ يُزَال. وَقَدْ فَرَّعُوا عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَمَا يَتَّصِل بِهَا فُرُوعًا كَثِيرَةً تُنْظَرُ فِي أَبْوَابِهَا.
22 - 2 - رُخَصٌ سَبَبُهَا الْحَاجَةُ:
الْحَاجَةُ نَوْعَانِ: عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ (انْظُرِ التَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: حَاجَة) .
وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُرَخَّصُ مِنْ أَجْلِهِ: فَالْعُقُودُ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ أَوْ وَقَعَ اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ أُصُولٍ مَمْنُوعَةٍ كَالسَّلَمِ وَالإِْجَارَةِ وَالْجُعْل وَالْمُغَارَسَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ وَالاِسْتِصْنَاعِ وَدُخُول الْحَمَّامِ وَالْوَصِيَّةِ وَمَا شَابَهَهَا إِنَّمَا وَقَعَ التَّرْخِيصُ فِيهَا لِحَاجَةِ النَّاسِ عُمُومًا إِلَيْهَا، وَالتَّرْخِيصُ فِي التَّأْدِيبِ لِمَنْ جُعِل لَهُ، وَفِي التَّضْيِيقِ عَلَى بَعْضِ الْمُتَّهَمِينَ لإِِظْهَارِ الْحَقِّ وَفِي التَّلَفُّظِ بِالْفُحْشِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاضِي أَوِ الرَّاوِي أَوِ الشَّاهِدِ لِلدِّقَّةِ وَفِي لُبْسِ الْحَرِيرِ وَاسْتِعْمَال الذَّهَبِ وَالنَّظَرِ إِلَى الْعَوْرَةِ لِلْعِلاَجِ وَفِي التَّبَخْتُرِ بَيْنَ الصُّفُوفِ لإِِغَاظَةِ الْكُفَّارِ وَالنَّيْل مِنْهُمْ، وَفِي الْكَذِبِ لِلإِْصْلاَحِ، وَفِي الْغِيبَةِ عِنْدَ التَّظَلُّمِ أَوْ
__________
(1) الحموي على الأشباه والنظائر 1 / 188.
(2) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 83، 84.
الاِسْتِفْتَاءِ وَنَحْوِهِمَا، وَفِي خُرُوجِ الْمَرْأَةِ لِقَضَاءِ شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِهَا، أَوْ لِلتَّعَلُّمِ وَالْفَتْوَى وَالتَّقَاضِي وَسَفَرِهَا لِلْعِلاَجِ وَمَا إِلَى هَذِهِ الْحَالاَتِ إِنَّمَا وَقَعَ التَّرْخِيصُ فِيهَا مِنْ أَجْل حَاجَاتٍ تَمَسُّ طَوَائِفَ خَاصَّةً مِنَ الْمُجْتَمَعِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَا يُبَاحُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ يُبَاحُ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ، أَيْ أَنَّ هَذِهِ تُثْبِتُ حُكْمًا مِثْل الأُْولَى إِلاَّ أَنَّ حُكْمَ الْحَاجَةِ مُسْتَمِرٌّ وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ عَامَّةً وَحُكْمَ الضَّرُورَةِ مَوْقُوتٌ بِمُدَّةِ قِيَامِهَا إِذْ " الضَّرُورَةُ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا " (1) كَمَا وَقَعَ الاِتِّفَاقُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ نَوْعَانِ: مُحَرَّمَاتٌ لِذَاتِهَا، وَمُحَرَّمَاتٌ لِغَيْرِهَا، فَالأُْولَى لاَ يُرَخَّصُ فِيهَا عَادَةً إِلاَّ مِنْ أَجْل الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَصْلَحَةٍ ضَرُورِيَّةٍ، وَالثَّانِيَةُ يُرَخَّصُ فِيهَا حَتَّى مِنْ أَجْل الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَصْلَحَةٍ حَاجِيَّةٍ. (2) عَلَى أَنَّهُ لاَ مَانِعَ مِنْ أَنْ تُعَامَل هَذِهِ مُعَامَلَةَ الأُْولَى وَلَوْ فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ، وَعَلَى هَذَا الأَْسَاسِ وَمَا قَبْلَهُ جَاءَتِ الْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ: الْحَاجَةُ تَنْزِل مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ. (3) وَقَدْ خَرَّجَ الْفُقَهَاءُ اعْتِمَادًا عَلَيْهَا جُزْئِيَّاتٍ مُتَفَرِّقَةً يُمْكِنُ أَنْ
__________
(1) الحموي على الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 119، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 84
(2) التوضيح على التنقيح 3 / 80، والتلويح على التوضيح 3 / 80، 81.
(3) الحموي على الأشباه والنظائر 1 / 126، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 88، 89.
الصفحة 162