كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

بَصِيرًا وَقْتَ التَّحَمُّل أَمْ لاَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَل إِذَا كَانَ بَصِيرًا وَقْتَ التَّحَمُّل.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ سَمِعَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَلَوْ فَسَّرَهُ لِلْقَاضِي بِأَنْ قَال: سَمِعْتُهُ بَاعَ وَلَمْ أَرَ شَخْصَهُ حِينَ تَكَلَّمَ، لاَ يَقْبَلُهُ؛ لأَِنَّ النَّغْمَةَ تُشْبِهُ النَّغْمَةَ.
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ دَخَل الْبَيْتَ وَعَلِمَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ سِوَاهُ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْبَابِ وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ مَسْلَكٌ غَيْرُهُ فَسَمِعَ إِقْرَارَ الدَّاخِل وَلاَ يَرَاهُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَ؛ لأَِنَّهُ حَصَل بِهِ الْعِلْمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: كَذَلِكَ لاَ بُدَّ مِنَ الرُّؤْيَةِ مَعَ السَّمَاعِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الأَْقْوَال كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِثْل الشَّهَادَةِ عَلَى الأَْفْعَال. وَلِذَلِكَ لاَ تُقْبَل فِيهَا شَهَادَةُ الأَْصَمِّ وَلاَ الأَْعْمَى اعْتِمَادًا عَلَى الصَّوْتِ؛ لأَِنَّ الأَْصْوَاتَ تَتَشَابَهُ وَيَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا التَّلْبِيسُ.
وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِثْل الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَأَنْكَرَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ (1) .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ: (شَهَادَةٌ) .
__________
(1) البداية وشروحها، فتح القدير والعناية 6 / 462 - 463، وبدائع الصنائع 6 / 266، 268، والدسوقي 4 / 167، وأسنى المطالب 4 / 364، ومغني المحتاج 4 / 446، والمغني 9 / 158 - 159، 189
رُؤْيَةُ الْقَاضِي الْخُصُومَ:
11 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ قَضَاءِ الأَْعْمَى، كَمَا اخْتَلَفُوا فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (قَضَاء، وَعَمَى، وَغَيْبَة) .

أَثَرُ الرُّؤْيَةِ:
12 - لِلرُّؤْيَةِ أَثَرٌ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ وَمِنْ ذَلِكَ:
أ - وُجُوبُ الصَّوْمِ لِرُؤْيَةِ هِلاَل رَمَضَانَ وَوُجُوبُ الْفِطْرِ لِرُؤْيَةِ هِلاَل شَوَّالٍ (1) لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ فَعُدُّوا لَهُ ثَلاَثِينَ (2) .
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي: (رُؤْيَةُ الْهِلاَل) .
ب - رُؤْيَةُ الْمُنْكَرِ تُوجِبُ النَّهْيَ عَنْهُ وَمُحَاوَلَةَ تَغْيِيرِهِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (3) وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ (4) :
__________
(1) المغني 3 / 89 - 90
(2) حديث " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. . . . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 119 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 762 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة، واللفظ لمسلم.
(3) سورة آل عمران / 104.
(4) حديث: " من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن. . . . . . . " أخرجه مسلم (1 / 69 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري.

الصفحة 21