كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

وَقَدْ قَال بِهَذَا النَّوْعِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ الْحَنَفِيَّةُ لإِِثْبَاتِ رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ (1) .
وَقَال بِهِ أَيْضًا الْمَالِكِيَّةُ لَكِنَّهُمْ سَكَتُوا عَنِ اشْتِرَاطِ الصَّحْوِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.

ب - رُؤْيَةُ عَدْلَيْنِ:
4 - نُقِل الْقَوْل بِاشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ (2) ، وَقَال بِهَذَا الرَّأْيِ الْمَالِكِيَّةُ فِي حَالَةِ الْغَيْمِ وَالصَّحْوِ فِي الْمِصْرِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَيَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ وَشَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَاشْتَرَطُوا فِي الْعَدْل الإِْسْلاَمَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالذُّكُورَةَ وَمَا تَقْتَضِيهِ الْعَدَالَةُ مِنَ الْعَقْل وَالْبُلُوغِ وَالاِلْتِزَامِ بِالإِْسْلاَمِ (3) .
وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ اثْنَيْنِ فَقَطْ فِي الصَّحْوِ، وَفِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ رِيبَةً، وَلَمْ يُنْقَل عَنْهُ تَعْيِينُ الْعَدَدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يُقْبَل فِي مِثْلِهَا غَيْرُ الرُّؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَأَقَلُّهَا ثَلاَثَةٌ.
قَال: " وَلاَ تُقْبَل شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ إِذَا لَمْ يَشْهَدْ غَيْرُهُمَا فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ وَالصَّحْوِ، وَأَيَّةُ رِيبَةٍ أَكْبَرُ مِنْ هَذِهِ (4) ".
__________
(1) الكاساني: بدائع الصنائع 2 / 80 (دار الكتاب العربي بيروت، ط 2: 1402 / 1982) .
(2) المدونة 1 / 174 (دار الفكر، ط 2: 1400 / 1980) .
(3) الحطاب: مواهب الجليل 2 / 381.
(4) المرجع نفسه 2 / 385.
وَنُقِل الْقَوْل بِاشْتِرَاطِ عَدْلَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا هِلاَل رَمَضَانَ عَنِ الْبُوَيْطِيِّ تِلْمِيذِ الشَّافِعِيِّ (1) .

ج - رُؤْيَةُ عَدْلٍ وَاحِدٍ:
5 - لِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاَتٌ وَشُرُوطٌ فِي قَبُول رُؤْيَةِ الْعَدْل الْوَاحِدِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي: قَبِل الْحَنَفِيَّةُ فِي رُؤْيَةِ هِلاَل رَمَضَانَ شَهَادَةَ الْعَدْل الْوَاحِدِ فِي الْغَيْمِ أَوِ الْغُبَارِ وَانْعِدَامِ صَحْوِ السَّمَاءِ، وَاكْتَفَوْا فِي وَصْفِ الْعَدَالَةِ بِتَرْجِيحِ الْحَسَنَاتِ عَلَى السَّيِّئَاتِ، وَقَبِلُوا شَهَادَةَ مَسْتُورِ الْحَال، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا الذُّكُورَةَ وَالْحُرِّيَّةَ، وَاعْتَبَرُوا الإِْعْلاَمَ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ قَبِيل الإِْخْبَارِ.
وَتَتِمُّ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُمْ فِي الْمِصْرِ أَمَامَ الْقَاضِي، وَفِي الْقَرْيَةِ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ رَأَى الْهِلاَل وَحْدَهُ وَلَمْ يَقْبَل الْقَاضِي شَهَادَتَهُ صَامَ، فَلَوْ أَفْطَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ (2) .
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى قَبُول شَهَادَةِ الْعَدْل الْوَاحِدِ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: أَبْصَرْتُ الْهِلاَل اللَّيْلَةَ، قَال: أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟ قَال: نَعَمْ، قَال: يَا بِلاَل أَذِّنْ فِي
__________
(1) أبو إسحاق الشيرازي: المهذب 1 / 179 (ط. عيسى الحلبي، مصر) .
(2) الكاساني: بدائع الصنائع 2 / 81.

الصفحة 25