كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَال فِي الْحَجِّ} (1) فَإِنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَسَدَ نُسُكُهُ؛ لأَِنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إِنْ كَانَ عَامِدًا، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ فَقَال: إِنِّي وَاقَعْتُ امْرَأَتِي وَنَحْنُ مُحْرِمَانِ، فَقَال: أَفْسَدْتَ حَجَّكَ انْطَلِقْ أَنْتَ وَأَهْلُكَ مَعَ النَّاسِ فَاقْضُوا مَا يَقْضُونَ وَحُل إِذَا حَلُّوا، فَإِذَا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِل فَاحْجُجْ أَنْتَ وَأَهْلُكَ مَعَ النَّاسِ وَأَهْدِيَا هَدْيًا، فَإِنْ لَمْ تَجِدَا فَصُومَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعْتُمْ.
أَمَّا إِنْ جَامَعَ الْمُحْرِمُ نَاسِيًا فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: هُوَ كَمَنْ جَامَعَ عَامِدًا، قَالُوا: لأَِنَّ الْفَسَادَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الاِرْتِفَاقِ فِي الإِْحْرَامِ ارْتِفَاقًا مَخْصُوصًا، وَهَذَا لاَ يَنْعَدِمُ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ، وَالْحَجُّ لَيْسَ بِمَعْنَى الصَّوْمِ، لأَِنَّ حَالاَتِ الإِْحْرَامِ مُذَكِّرَةٌ لَهُ كَالصَّلاَةِ؛ وَلأَِنَّهُ شَيْءٌ لاَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ كَالشَّعْرِ إِذَا حَلَقَهُ، وَالصَّيْدِ إِذَا قَتَلَهُ، فَهَذِهِ الثَّلاَثَةُ يَسْتَوِي فِيهَا الْعَمْدُ، وَالنِّسْيَانُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَفْسُدُ حَجُّهُ؛ لأَِنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهَا، فَتَخْتَلِفُ بِالْمَذْكُورَاتِ فِي الْحُكْمِ كَالصَّوْمِ.
أَمَّا الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، فَإِنْ أَنْزَل فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ لَمْ يُنْزِل فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ
__________
(1) سورة البقرة / 197.
الْفُقَهَاءِ فِي حُرْمَتِهِ (1) .
أَمَّا فَسَادُ الْحَجِّ وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَنَوْعِهَا، وَبَقِيَّةُ أَحْكَامِ الرَّفَثِ فِي الإِْحْرَامِ، فَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيل ذَلِكَ إِلَى مُصْطَلَحِ (إِحْرَام) .
__________
(1) فتح القدير 2 / 456، المغني 3 / 340، وأسنى المطالب 1 / 512، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 94 - 95

الصفحة 277