كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ وَذِي الْحِجَّةِ وَاشْتَرَطُوا فِي الثَّلاَثَةِ رُؤْيَةَ جَمْعٍ يَثْبُتُ بِهِ الْعِلْمُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا فِي حَالَةِ الْغَيْمِ فَاكْتَفَوْا فِي ثُبُوتِ هِلاَل ذِي الْحِجَّةِ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَاحِدٍ. وَاشْتَرَطَ الْكَرْخِيُّ مِنْهُمْ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَمَا فِي هِلاَل شَوَّالٍ لأَِنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمُ وُجُوبِ الأُْضْحِيَّةِ فَيَجِبُ فِيهَا الْعَدَدُ.
وَرَدَّ عَلَيْهِ الْكَاسَانِيُّ بِأَنَّ الإِْخْبَارَ عَنْ هِلاَل ذِي الْحِجَّةِ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ لاَ الشَّهَادَةِ لِوُجُوبِ الأُْضْحِيَّةِ عَلَى الشَّاهِدِ وَغَيْرِهِ، فَلاَ يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ (1) .
وَأَوْجَبَ الْمَالِكِيَّةُ شَهَادَةَ عَدْلَيْنِ، فَقَال مَالِكٌ فِي الْمَوْسِمِ بِأَنَّهُ يُقَامُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ إِذَا كَانَا عَدْلَيْنِ (2) .
وَسَوَّى الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ شَوَّالٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ فَاشْتَرَطُوا رُؤْيَةَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا (3) .

رُؤْيَةُ الْهِلاَل نَهَارًا:
7 - وَرَدَتْ عَنْ صَحَابَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُقُولٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي حُكْمِ رُؤْيَةِ هِلاَل رَمَضَانَ نَهَارًا، وَهَل هُوَ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ أَوِ الْمُقْبِلَةِ؟
__________
(1) الكاساني: بدائع الصنائع 2 / 82.
(2) المدونة: 1 / 174.
(3) حديث: " فإن شهد شاهدان. . . " تقدم تخريجه (ف 5) .
فَعَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ قَبْل الزَّوَال وَبَعْدَهُ. فَإِنْ كَانَتْ قَبْل الزَّوَال فَالْهِلاَل لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الزَّوَال، فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى هَذَا الرَّأْيِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْهِلاَل لاَ يُرَى قَبْل الزَّوَال عَادَةً إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لِلَيْلَتَيْنِ، وَهَذَا يُوجِبُ كَوْنَ الْيَوْمِ مِنْ رَمَضَانَ فِي هِلاَل رَمَضَانَ، وَكَوْنَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي هِلاَل شَوَّالٍ (1) .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَفِي نَقْلٍ عَنِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رُؤْيَةَ الْهِلاَل يَوْمَ الشَّكِّ هِيَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْل الزَّوَال أَمْ بَعْدَهُ.
وَقَال عُمَرُ: إِنَّ الأَْهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلاَل نَهَارًا فَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تُمْسُوا إِلاَّ أَنْ يَشْهَدَ رَجُلاَنِ مُسْلِمَانِ أَنَّهُمَا أَهَلاَّهُ بِالأَْمْسِ عَشِيَّةً (2) .
وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ نَاسًا رَأَوْا هِلاَل الْفِطْرِ نَهَارًا، فَأَتَمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صِيَامَهُ إِلَى اللَّيْل، وَقَال: لاَ، حَتَّى يُرَى مِنْ حَيْثُ يُرَى بِاللَّيْل (3) .
__________
(1) الكاساني: بدائع الصنائع 2 / 82، وابن عابدين، ورسائل ابن عابدين 1 / 217 - 218
(2) المدونة 1 / 174، وخرجه القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن 2 / 302 (دار إحياء التراث العربي، بيروت) .
(3) المدونة 1 / 174 - 175

الصفحة 28