كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 22)

مَشَقَّةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْمُعْتَادِ. وَمِنْ ثَمَّ فَلاَ اعْتِبَارَ بِالْحَرَجِ التَّوَهُّمِيِّ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُوجَدِ السَّبَبُ الْمُرَخِّصُ لأَِجْلِهِ، إِذْ لاَ يَصِحُّ أَنْ يُبْنَى حُكْمٌ عَلَى سَبَبٍ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، كَمَا أَنَّ الظُّنُونَ وَالتَّقْدِيرَاتِ غَيْرِ الْمُحَقَّقَةِ رَاجِعَةٌ إِلَى قِسْمِ التَّوَهُّمَاتِ، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ. وَكَذَلِكَ أَهْوَاءُ النَّاسِ، فَإِنَّهَا تُقَدِّرُ أَشْيَاءَ لاَ حَقِيقَةَ لَهَا. فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لاَ اعْتِبَارَ بِالْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ حِينَئِذٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّوَهُّمَ غَيْرُ صَادِقٍ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْحْوَال (1) .
(2) أَنْ لاَ يُعَارِضَ نَصًّا. فَالْمَشَقَّةُ وَالْحَرَجُ إِنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي مَوْضِعٍ لاَ نَصَّ فِيهِ، وَأَمَّا فِي حَال مُخَالَفَةِ النَّصِّ فَلاَ يُعْتَدُّ بِهِمَا (2) .
وَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يَأْتِي فِي تَعَارُضِ رَفْعِ الْحَرَجِ مَعَ النَّصِّ.
(3) أَنْ يَكُونَ عَامًّا. قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِذَا كَانَ الْحَرَجُ فِي نَازِلَةٍ عَامَّةٍ فِي النَّاسِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ، وَإِذَا كَانَ خَاصًّا لَمْ يُعْتَبَرْ عِنْدَنَا، وَفِي بَعْضِ أُصُول الشَّافِعِيِّ اعْتِبَارُهُ، وَذَلِكَ يُعْرَضُ فِي مَسَائِل الْخِلاَفِ (3) .
وَقَدْ فَسَّرَ الشَّاطِبِيُّ الْحَرَجَ الْعَامَّ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي لاَ قُدْرَةَ لِلإِْنْسَانِ عَلَى الاِنْفِكَاكِ عَنْهُ، كَالتَّغَيُّرِ اللاَّحِقِ لِلْمَاءِ بِالتُّرَابِ وَالطُّحْلُبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا
__________
(1) الموافقات 1 / 333 وما بعدها.
(2) الأشباه والنظائر لابن نجيم 83
(3) أحكام القرآن لابن العربي 3 / 310.
لاَ يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا، وَالْخَاصُّ هُوَ مَا يَطَّرِدُ الاِنْفِكَاكُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ كَتَغَيُّرِ الْمَاءِ بِالْخَل وَالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ (1) .

أَسْبَابُ رَفْعِ الْحَرَجِ:
9 - أَسْبَابُ رَفْعِ الْحَرَجِ هِيَ السَّفَرُ، وَالْمَرَضُ، وَالإِْكْرَاهُ، وَالنِّسْيَانُ، وَالْجَهْل، وَالْعُسْرُ، وَعُمُومُ الْبَلْوَى، وَالنَّقْصُ، وَتَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ (تَيْسِير (2)) .
قَال النَّوَوِيُّ: وَرُخَصُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ:
مِنْهَا: مَا يَخْتَصُّ بِالطَّوِيل قَطْعًا وَهُوَ الْقَصْرُ، وَالْفِطْرُ، وَالْمَسْحُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَمِنْهَا: مَا لاَ يَخْتَصُّ بِهِ قَطْعًا، وَهُوَ تَرْكُ الْجُمُعَةِ، وَأَكْل الْمَيْتَةِ.
وَمِنْهَا: مَا فِيهِ خِلاَفٌ، وَالأَْصَحُّ اخْتِصَاصُهُ بِهِ وَهُوَ الْجَمْعُ.
وَمِنْهَا: مَا فِيهِ خِلاَفٌ، وَالأَْصَحُّ عَدَمُ اخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَهُوَ التَّنَفُّل عَلَى الدَّابَّةِ، وَإِسْقَاطُ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ.
وَاسْتَدْرَكَ ابْنُ الْوَكِيل رُخْصَةً تَاسِعَةً، صَرَّحَ بِهَا الْغَزَالِيُّ وَهِيَ:
مَا إِذَا كَانَ لَهُ نِسْوَةٌ وَأَرَادَ السَّفَرَ، فَإِنَّهُ يُقْرِعُ
__________
(1) الموافقات 2 / 159 وما بعدها.
(2) الموسوعة 14 / 213 وما بعدها.

الصفحة 287